“من الذاكرة التشكيلية” بانوراما وثائقية أطلقتها صالة “مشوار”
تشرين-رنا بغدان:
ساهم العديد من الفنانين السوريين الأوائل في عشرينيات القرن الماضي بمحاولات إبراز معالم الحركة التشكيلية السورية وترسيخ الهوية السورية بإرثها الثقافي إلى أن قاموا بإشهار بعض الجمعيات ومراكز الفنون التشكيلية والمعهد العالي للفنون وصولاً إلى تأسيس كلية الفنون الجميلة سنة ١٩٦٠، إضافة إلى افتتاح صالات رسمية وخاصة ساهمت في دعم ونشر مسيرة هذه الحركة الناشطة.. من هنا واكبت صالة “مشوار” للفن التشكيلي فعاليات “أيام الفن التشكيلي السوري” تحت رعاية وزارة الثقافة وذلك بتنظيم عرض بانورامي قدر المستطاع لمراحل الفن التشكيلي في سورية من خلال المنشورات و”الكاتالوجات” الصادرة في تلك الفترات إضافة لدعوات المعارض الرسمية والخاصة التي شهدتها الحركة التشكيلية السورية.
عن هذا المعرض تحدثت السيدة ميادة كلزلي مديرة صالة “مشوار” فقالت: معرضنا الحالي ضمن فعاليات “أيام التشكيل السوري” وهو يختلف عن المعارض السابقة التي كانت تعرض لوحات فنية فهو معرض كتيبات و”بروشورات” و”كاتولوجات” إضافة إلى دعوات معارض واكبت فترة بدايات الحركة الفنية التشكيلية وحتى الآن, وحاولنا خلاله تغطية ما أمكن ولو بشكل بسيط واستطعنا وضع وثائق وكتيبات يبدأ تاريخها من عام 1952 لأنني أؤمن بأن الذاكرة التشكيلية عليها أن تبقى على قيد الحياة وألّا تموت وهذه الأنماط من المعارض تحيي الذاكرة ويبقى رواد المعرض في ذاكرتهم أن الحاضر يأتي مما سبقه ولا تظهر تأثيراته بما سبق حتى وقت لاحق ومن الضروري أن نمتلك ذاكرة في كل شيء في حياتنا سواء بالفن أو الموسيقا أو بالتراث.. فهذه هويتنا وممكن أن يكون هذا المعرض بذرة لتكون لدينا مكتبة للفنّ التشكيلي وهذا ما لمسته في هذا المعرض الذي لاقى إقبالاً ورضا من الجمهور بعد الجهد الذي بُذل فيه وحُولت فيه الصالة من صالة عرض لوحات تشكيلية للفنانين إلى مكتبة آنية, فإن شاء الله تكون لدينا مكتبة دائمة تحت رعاية وزارة الثقافة أو مديرية الفنون أو النقابة لتبقى وثيقة نفتخر بها وتحمل في طياتها جميع المساهمات التي أسست للذاكرة التشكيلية السورية وتُعرف كمكتبة للفنّ التشكيلي ويتمّ رفدها من كافة الكوادر ليُستفاد منها كمرجع في البحث العلمي الفني لجميع المهتمين بالفنّ التشكيلي.
وعن اللوحات الأربع للفنان المرحوم علي الكفري المعروضة تقول كلزلي: قبل وفاته كان الفنان علي الكفري مزمعاً على إقامة معرض كان يتمّ التحضير له في الصالة وتكريماً له وإهداء لروحه قمنا بعرض أربع لوحات بأحجام مختلفة لونت المعرض بوجودها من خلال حضور روحه الجميلة.
كما رافق المعرض عرض برنامج “رواق الفنون” من إعداد وسيناريو الفنان النّحات والناقد غازي عانا الذي كان يُعرض على الفضائية السورية ووثّق حياة وأعمال وتجربة حوالي 250 فناناً وفنانة وهو برنامج ممتع وأحببت عرضه ضمن المعرض التوثيقي لأنه يعدّ وثيقة بصرية مهمة يكمّل ذاكرتنا التشكيلية إضافة إلى جميع الوسائل الموجودة في المعرض, مثل بعض المقالات الصحفية التي كان قد كتبها الناقد الفني سعد القاسم عن المعرض الفني الحديث الافتراضي وقد تمّ جمع الكثير منها في ملف معروض وُضع في متناول الجميع للاستمتاع بهذه الذاكرة الفنية الماضية والحاضرة, إضافة إلى أربعين وثيقة من الكتيبات التي استعارتها الصالة من المتحف الوطني تعود لتاريخ ١٩٥٢ عن معارض تشكيلية أقيمت في المتحف الوطني في ذاك الزمان وأيضاً في قسم الفن الحديث.
وكذلك استعرض المعرض الصالات الفنية القديمة والحديثة المغلقة أو المفتوحة حالياً والتي استضافت العديد من المعارض التي استطعت جمع الكثير من دعواتها و”كتلوجاتها” و”بروشوراتها” المتنوعة محاولة بذلك فتح جميع النوافذ ولو فتحات بسيطة ليكون العمل قدر الإمكان متكاملاً في المعرض، وهذا كله ضمن عمل فردي نتمناه جماعياً في المستقبل وبطريقة مؤسساتية ليغطي هذه الذاكرة بشكل أوسع.