التشريعات والقوانين السورية لحماية الآثار تعتبرها واجب وطني ومسؤولية مشتركة تتحملها الدولة والمجتمع
تشرين- ثناء عليان
تحت عنوان “حماية الآثار والمواقع الحضارية، وحماية الملكية الفكرية في التشريعات والقوانين السورية”، ألقى المحامي طارق فاضل بدعوة من فرع طرطوس لاتحاد الكتاب العرب محاضرة تحدث فيها عن العقوبات التي فرضها القانون السوري على كل من يعتدي على الآثار أو يقوم بتهريبها أو تخريبها وعن القوانين الخاصة بالملكية الفكرية.. وبيّن أن قانون الآثار السوري عرّف في مادته الأولى الآثار بأنها: “الممتلكات الثابتة والمنقولة التي بناها أو صنعها أو أنتجها أو كتبها أو رسمها الإنسان قبل مئتي سنة ميلادية أو مئتين وست سنوات هجرية”، كما يدخل في تعريف الآثار على سبيل المثال لا الحصر (القلاع والحصون والآلات القديمة سواء كانت صناعية أم فنية إذا مضى عليها أكثر من مئتي سنة، أو حتى أحد أنواع السجاد العريق، وكذلك المخطوطات واللوحات الفنية القديمة).
وقد جاء في اجتهاد لمحكمة النقض السورية –حسب فاضل- أن «الإدارة هي التي تقدر كون الشيء أو العقار أثرياً لما يتوافر فيه من ميزات فنية وجمالية وتاريخية»، وتحقيقاً للردع وضماناً لحماية الآثار الثابتة والمنقولة، نص القانون السوري عقوبات على كل من يقوم بسرقة أو نقل أو التنقيب عن الآثار، أو الاتجار بها، أو تخريبها، أو تقليدها من دون ترخيص، أو التعديل في بناء عقار أثري أو حقوق الارتفاق الخاصة به، أو الإضرار بالأثر أو ترميمه من دون إذن، أو عدم الإخبار عن الأثر المكتشف أو عن بيعه.. واستعرض فاضل بالتفصيل عقوبة كل من تلك الجرائم مبيناً أن المشرّع السوري جعل عقوبة سرقة وتهريب الآثار والاتجار بها عقوبة جنائية الوصف، وهذا التشديد إنما يعود إلى كون تهريب الآثار الوطنية يعد اعتداء جسيماً على ثروات الوطن وتراثه وتاريخه، كما شدد المشرّع العقوبة فيما يتعلق بتخريب الآثار التي تملكها الدولة، نظراً إلى ما يحمله هذا الجرم من خطورة في شخص الفاعل، ولما يشكله من اعتداء على ملك جميع أفراد الشعب.. وأكد فاضل أن حماية الآثار واجب وطني ومسؤولية مشتركة تتحملها الدولة والمجتمع معاً، فهي ثروة وطنية وإنسانية، تعزز الهوية وترسخها، داعياً الدولة لتدعيم ثقافة حماية الآثار، وعقد الاتفاقيات مع الدول التي يوجد لديها كمٌّ كبير من الآثار السورية المهربة لاستعادتها؛ نظراً لما تمثله من قيمة تاريخية تعبّر عن حضارة البلاد وعراقتها.
وفيما يخص قانون حماية حقوق المؤلف في سورية بيّن فاضل أن هذا القانون صدر بتاريخ ١٦ أيلول عام ٢٠١٣، وبدئ العمل به بعد ستة أشهر من تاريخ نشره، وقد ألغى هذا القانون قانون حماية المؤلف لسنة ٢٠٠١، وتشمل الحماية جميع أشكال إنتاج العقل البشري سواء أكانت شفهية أم خطية أم تصويرية أم رقمية ومهما كانت طريقة التعبير عنها.. ويتمتع المؤلف –حسب المحامي فاضل- بالحقوق المادية والمعنوية والأخيرة أبدية غير قابلة للتقادم أو التصرف بها، أما الحقوق المادية فيتمتع المؤلف أو خلفه الذي آل إليه الحق المالي من بعده بالحقوق المالية الاستئثارية كنسخ المصنف بأي وسيلة، بما فيه الطباعة والتصوير والتسجيل على الأشرطة والأسطوانات والأقراص المدمجة الليزرية أو الذواكر الإلكترونية لجهاز حاسوبي أو التخزين بشكل رقمي في بيئة إلكترونية أو ضوئية أو أي وسيلة أخرى.. ويتمتع مؤلفو الأصول المخطوطة للمصنف الأدبي والنوتة الموسيقية ومصنفات الفن كاللوحات والتماثيل من المصنفات ذات النسخة الوحيدة، بحق تتبع غير قابل للتصرف يخوله الحصول على نسبة مئوية لا تتجاوز 10 بالمئة من قيمة كل عملية بيع تالية لأول تنازل يجريه عن ملكيته للأصل، ويتمتع بهذا الحق المؤلفون السوريون ومؤلفو أي دولة تعامل المؤلفين السوريين والمؤلفين المقيمين في الجمهورية العربية السورية بالمثل، وفي هذه الحال يعطى المؤلف الأجنبي النسبة ذاتها التي تعطى له في قوانين بلده بما لا يتجاوز النسبة المشار إليها أعلاه، وتنتقل حقوق المؤلف المالية كلها أو بعضها بطريق الإرث أو التصرف القانوني شأنها في ذلك شأن سائر الحقوق المالية، ويشترط لانعقاد التصرف أن يكون موثقاً بسند خطي أو إلكتروني مقبول قانوناً.
وأشار فاضل إلى صدور قانون الجرائم المعلوماتية رقم ٢٠ لعام ٢٠٢٢ وتعرض في بعض نصوص مواده إلى حماية حقوق المؤلف والناشر على المنصات الإلكترونية، وأعطى لتلك الحقوق حماية خاصة وغرامات مرتفعة تقدر بالملايين لمن يتعرض لتلك الحقوق أو شخص المؤلف أو الناشر أو منشوراته الإلكترونية، وهي حقوق كان قد تناولها قانون حماية حقوق المؤلف المذكور أعلاه وعاد وأكد عليها وعلى حمايتها قانون الجرائم المعلوماتية الأخير الصادر بتاريخ ١٨/٤/ ٢٠٢٢م.