في سابقة لافتة للنظر.. «كوة صغيرة» في مخبز الحسكة الأول تؤدي إلى ظهور سوق سوداء «علنية» للخبز بجوار المخبز
تشرين- خليل اقطيني:
نشأت بجوار مخبز الحسكة الأول سوق سوداء لبيع الخبز بأسعار مرتفعة كثيراً عن السعر المحدد.
حيث يتوضع باعة الخبز من الرجال والنساء على رصيف جامع الفاروق الكائن بجوار مخبز الحسكة الأول في حي المساكن. وذلك منذ الصباح الباكر وحتى المساء. أي منذ أن يبدأ المخبز بإنتاج الخبز عند الساعة السابعة صباحاً، ويستمرون بالبيع حتى غروب الشمس وهكذا.
سابقة لافتة للنظر
ويعتبر نشوء سوق سوداء لبيع الخبز بجوار أحد المخابز الآلية، وبجوار المخبز الكائن وسط مدينة الحسكة , حيث تتواجد كافة الجهات الرقابية والمؤسسات المختصة، أمراً جديداً وسابقة لافتة للنظر. وذلك لأنه جرت العادة أن تنشأ سوق الخبز السوداء في أماكن أخرى بعيدة عن المخابز، وخاصة في سوق الهال وسط المدينة، حيث تتواجد عدة بسطات لبيع الخبز بكميات كبيرة، بعيداً -إلى حد ما- عن أعين الرقابة التموينية وغيرها من الجهات الرقابية، رغم أن عيون هذه الجهات ليست غافلة عن تجار الخبز في تلك السوق، وتتخذ كافة الإجراءات القانونية بحقهم بين الحين والآخر.
عن سوق الخبز السوداء التي ظهرت بجوار مخبز الحسكة الأول وصلت «تشرين» عدة شكاوى مضمونها يتلخص بنقطتين اثنتين، النقطة الأولى توجيه أصابع الاتهام من قبل الشاكين للبعض ممن هم داخل المخبز من عمال ورؤساء وارديات بتزويد باعة هذا السوق بمادة الخبز لبيعها بأسعار مرتفعة وتقاسم الأرباح.
أما النقطة الثانية فتتعلق بقيام تجار هذه السوق ببيع الخبز بأسعار مرتفعة جداً تصل إلى 2500 ليرة للكيس الواحد. أي إذا كان رب أسرة بحاجة إلى كيسين من الخبز في اليوم لإطعام أفراد أسرته , فهذا يعني أن عليه دفع 5000 ليرة ثمن الخبز فقط. وهو ما يعادل 150 ألف ليرة كل شهر ثمن الخبز دون غيره من الحاجات والمستلزمات الضرورية لمعيشة الأسرة. وهذا مبلغ كبير لا قِبَل لعامة الناس عليه.
«خبز الدولة» أفضل
ولمتابعة هذه الشكاوى توجهنا إلى هذه السوق , وهناك وجدنا الناس المتواجدين فيه من مشترين بين مؤيد لها ومعترض عليها.
فالأخ أحمد الفرحان قال: إن هذه السوق سهّلت الأمور عليه وعلى غيره من المواطنين الذين لا وقت لديهم للانتظار طويلاً حتى يحصلوا على كيس من الخبز. علاوة على أن المخبز بالأساس لا يبيع الخبز بشكل مباشر للمواطنين.
ويبيّن أن الحل الوحيد أمامه هو شراء حاجته من الخبز من هذا السوق خلال دقيقتين من دون أي انتظار أو مزاحمة، ثم يتوجه إلى بيته وهو محافظ على وقته.
ولأننا نعرف أن الجهات المعنية في المحافظة حددت لكل حي معتمداً لبيع الخبز للسكان بالسعر التمويني المحدد سألنا أحمد عن مصير مخصصاته من الخبز من معتمد الحي الذي يسكن فيه فقال: أنا أسكن في منطقة بعيدة، وفي تلك المنطقة يصلهم الخبز بمعدل كيسين فقط في الأسبوع، وعائلته تستهلك كيسين في اليوم الواحد. ناهيك -والكلام مازال لأحمد- بأن كيس الخبز في تلك المناطق يحوي 9 أرغفة فقط وهي ذات نوعية أقل جودة بكثير من الخبز الذي يُنتَج من المخابز الآلية الواقعة في المناطق الآمنة. الأمر الذي يضطره للمرور على سوق الخبز أمام جامع الفاروق بجوار مخبز الحسكة الأول كل يوم في نهاية دوامه وشراء حاجته من الخبز منها.
وختم الفرحان قائلاً: خبز الدولة يبقى الأفضل حتى لو كان خبز شعير وبسعر مرتفع.
أما المواطن ابراهيم عطالله فهو يرفض رفضاً قاطعاً وجود سوق سوداء لبيع الخبز تحت أي ذريعة كانت. معتبراً ذلك نقطة سوداء في صفحة الجهات المعنية في المحافظة وغير لائقة بها. وخاصة أنه يسمع أن كمية الخبز المنتجة من هذا المخبز كافية لسد حاجة السكان. وذلك لأنه يرى أن هذه السوق لم تكن لتظهر لولا وجود خلل ما في إحدى حلقات إنتاج وبيع الخبز للمواطنين.
ويبيّن أن هذا الخلل إما من داخل المخبز، وإلا كيف نفسر وجود كميات من الخبز داخل أكياس كبيرة لدى تجار هذا السوق، ترى من أين جاءت كل هذه الكميات؟. وذلك لأن القصة لا تتعلق بكيسين أو ثلاثة لدى بائع أو اثنين. وإنما تتعلق بعدد كبير من الأكياس وعدد كبير أيضاً من الباعة. وإما بسبب خلل في الأجهزة الرقابية، وتقصير بقمع هذه الظواهر الشاذة وغير اللائقة والمؤذية للعين والجيب.
ويقول عطا الله إنه يكتفي بالكمية التي يحصل عليها من معتمد الخبز في الحي الذي يسكن فيه. وما وجوده هنا إلا بمحض الصدفة لوجود سوق بيع الخبز على طريقه نحو مقر المؤسسة التي يعمل فيها.
أما الباعة في السوق فرفضوا جميعاً التحدث إلينا، والبعض منهم غادر المكان على عجل بمجرد أن رآنا فيه.
تمويل السوق بالخبز من «كوة صغيرة»
ومن السوق توجهنا مباشرة إلى مقر فرع “السورية للمخابز” الكائن بجواره. حيث أخبرنا مدير الفرع عبد الله الهصر أن الطريقة المتبعة لتوزيع مادة الخبز على المواطنين في كافة المخابز الآلية التابعة للفرع أو الواقعة تحت إشرافه، تتم عن طريق المعتمدين في الأحياء. حيث يحضر كل معتمد في الموعد المحدد له إلى المخبز ويأخذ الكمية المخصصة لسكان الحي ويوزعها عليهم بالسعر التمويني المحدد.
وأوضح الهصر أن معالجة وضع هذه السوق وقمعها ومحاسبة المتواجدين فيها يقع على عاتق مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك وليس فرع السورية للمخابز.
الخبز ليس للمتاجرة
مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك علي خليف أيّد كلام مدير فرع «السورية للمخابز» والجميع لاذ بادعاءات متضاربة حول مصدر خبز السوق السوداء.
ووعد خليف بدراسة هذه الظاهرة مع المحافظ وإيجاد الحلول المناسبة لها. كمنع بيع أي كيس خبز إلا لصاحب العلاقة حصراً.. من جهة ومنع بيع الخبز بأسعار مرتفعة تحت أي ذريعة كانت من جهة أخرى. فالخبز يقدم للمواطنين سواء كانوا من أسر الشهداء أو غيرهم ليأكلوه لا ليتاجروا به.