حفر الآبار العشوائي يتوعد الزراعة في درعا… والجهات المعنية تكتفي بإحصاء الخسائر
تشرين – عمار الصبح:
لم يكد مزارعو الزيتون في محافظة درعا يتجاوزون تداعيات الحرب والآثار التي خلفتها على أشجارهم، والتي ظلت لسنوات عرضة لليباس والتحطيب، حتى لاحت في الأفق مشكلة الجفاف الذي بات يضرب أطنابه في محافظة كانت تشتهر حتى وقت قريب بوفرة مياهها السطحية والجوفية، ما بات يشكل تهديداً لموارد رزق كثير من المزارعين.
ورغم ما يثار بين الحين والآخر من أحاديث حول ارتفاع تكاليف الإنتاج ومستلزماته ونقص الأسمدة والأدوية وغيرها، إلّا أنها باتت حديثاً ثانوياً إذا ما قورنت بمشكلة الجفاف الذي أصبح يتصدر الأولويات ويقض المضاجع.
وحسب تأكيد عدد من مزارعي الزيتون فإن قلة الهاطل المطري وجفاف الآبار وانحسار كميات المياه في السدود فاقمت المشكلة ولاسيما أن طبيعة التربة في المنطقة وأثناء عطشها تتعرض للتشققات ما يسمح لأشعة الشمس بالوصول إلى الجذور ويجعلها بحاجة دائمة للسقاية والترطيب المستمرين.
أحد المزارعين قال: “الزيتون من الأشجار البعلية التي يمكن أن تتزود بحاجتها من المياه من الأمطار الهاطلة في موسم الشتاء وقد تكتفي بهذه الكميات وتستمر بالنمو من دون سقاية، ولكن في مواسم الجفاف كالذي نحن فيه يتطلب الأمر عمليات سقاية أكثر من مرة وهو ما لم يحصل بسبب قلة المياه التي لم تعد تكفي حتى للشرب، ولا سبيل لسقاية الأشجار إلّا من المقتدرين مادياً حيث يصل ثمن صهريج المياه إلى 35 ألف ليرة، وهو ما ترك المحصول عرضة لليباس حيث بات مشهد موت أشجار الزيتون وهي واقفة من المشاهد المألوفة في المحافظة وهو ما لم يكن يحصل سابقاً”.
وحسب تقديرات مديرية الزراعة بدرعا فإن ما يقارب 60 ألف دونم من المساحات المزروعة بالزيتون خرجت من الإنتاج هذا الموسم وذلك بسبب يباس الأشجار وتلفها نتيجة الشح الكبير بمياه الري، الذي بدأت تعانيه محافظة درعا نتيجة ضعف الهطلات المطرية والاستخدام العشوائي للمياه.
ورغم ذلك تتحدث أرقام المديرية عن تحسن في الإنتاج لهذا الموسم بفضل ظاهرة المعاومة التي من المتوقع أن ترفع الإنتاجية إلى 22 ألف طن مقارنة بـ 18 ألف طن للموسم الماضي، ومقارنة أيضاً مع 25 ألف طن لموسم 2020، فيما لا يمكن المقارنة مع سنوات الإنتاج ما قبل الحرب الذي كانت يصل إلى 75 ألف طن.
مدير الزراعة المهندس بسام الحشيش أشار في حديثه لـ”تشرين” إلى الوضع المائي الحرج في المحافظة والذي نجم عن انخفاض معدلات الهاطل المطري وتوزع الأمطار وجفاف العديد من الآبار والحفر العشوائي، وتراجع مستوى تخزين السدود، كل ذلك ترك تداعيات سلبية على كثير من الأشجار المثمرة وفي مقدمتها الزيتون، لافتاً إلى أن الموسم الزراعي الحالي هو من مواسم الحمل الجيد والذي يمكن وصفه بالغزير بالنسبة للزيتون وذلك بفضل ظاهرة المعاومة التي كانت من نصيب الموسم الحالي.
وأضاف مدير الزراعة: معظم زراعة الزيتون في المحافظة تصنف على أنها بعلية تعتمد على مياه الأمطار، ولكن تراجع كميات الأمطار أثرت سلباً في حجم الثمار ووزنها علماً أن كميات الزيت ثابتة لا تتأثر بالجفاف، موضحاً أن المحافظة تضم حوالي 4.8 ملايين شجرة زيتون، وقسم من هذا الرقم جرى ترميمه من المزارعين خلال السنوات القليلة الماضية لتعويض الفاقد الذي خسرته زراعة الزيتون بسبب اليباس والتحطيب.