أعمال فنية تفوقت شاراتها على المسلسل.. إيهاب مرادني: الموسيقا عامل الجذب الأول للمشاهد
حوار: ميسون شباني:
موسيقي يجمع عدداً كبيراً من الخبرات، قدم العديد من الشارات الفنية للعديد من الأعمال الدرامية المهمة منها: (رقصة الحبارى، قتل الربيع، سفر الحجارة، حاجز الصمت، سنة أولى زواج، حائرات، قاع المدينة، بانتظار الياسمين).. حاصل على العديد من الجوائز العربية والعالمية، عمل في بداية التسعينيات في مجال الدعاية والإعلان وهو الآن مدرب معتمد لفن المونتاج في المركز الإذاعي والتلفزيوني.. إنه الموسيقي إيهاب مرادني في حوار خاص مع «تشرين»:
* أنت مبتعد قليلاً عن التأليف الموسيقي.. أين أنت منه الآن؟
العام الماضي كان العام الوحيد منذ 22 عاماً الذي لم أطل فيه إلى الجمهور بعمل موسيقا تصويرية، والسبب تراجع الإنتاج الدرامي عموماً، إضافة إلى أن مستوى بعض الأعمال لم يرقَ إلى المستوى المطلوب، وبات البحث عن الأعمال السهلة هاجساً لدى البعض من أجل ضمان الاستمرارية على الساحة الفنية، وإذا لم أشعر بأن العمل سيضيف شيئاً إلى مسيرتي الفنية فلن أخوض فيه، خاصة أن لدي العديد من الجوائز منها جوائز عالمية، الموسيقا تعزف داخلي وتسكنني المقامات الموسيقية، لذا هاجسي البحث عن الجديد والمختلف وما يحقق بصمة مميزة فنياً، وبالمناسبة الموسيقا ليست عملي الوحيد فهناك عملي في الجامعة وموضوع التدريب على المونتاج، وإلى الآن أشعر بأنني مجرد هاوٍ بالموسيقا ولا أعدّها حرفة، وأي عمل فني أقوم فيه أراه ملعباً كبيراً لي، أستطيع من خلاله تقديم الجديد والمختلف، صحيح أنه كانت هناك غصة لعدم وجودي في الموسم الرمضاني الفائت ولكن شعرت بأن هذه الغصة أفضل من الوجود بعمل لا يرقى إلى المطلوب.
الشارة عامل الجذب الأول
* إلى أي حد المؤلف الموسيقي معني بالسيناريو والنص المكتوب؟
أعتبر النص هو المحرض لكل شيء فإذا كان النص ذا بناء درامي محكم، فهذا يحرض المخرج والممثل والديكور والإضاءة وكل ما يتعلق ببنية العمل الفني على الإبداع، ولكن للأسف لدينا أزمة نص وقلما نجد نصاً ملهماً، وإذا وجد حينها نعمل بالتوازي مع عمليات التصوير، أي أكون قد بدأت بالتجهيز للموسيقا التصويرية، وأبحث عن المفاتيح لتقديم الجديد على صعيد التأليف الموسيقي من دون أن أغفل دور المخرج فإذا كان يمتلك فكراً إبداعياً ورؤية بصرية جديدة فهو يستطيع من خلال النص أن يبتكر مفاتيح نجاح العمل، وهو ما يعطي الثقة لكل من يساهم فيه بأي مجال، وأنا قدمت الكثير من الأعمال مع عدد كبير من المخرجين ومعظمهم يؤكد على فكرة أن الموسيقا هي العامل الأول لجذب المشاهد وهي مفتاح المتابعة الأول للجمهور، وهناك أعمال تفوقت شاراتها على مضمون العمل الفني فهي الواجهة له، فموسيقا الشارة ولحنها وحتى كلماتها هي عنصر الجذب الأول ومهمة الشارة إدخال المتابع للعمل وبعدها يأتي النص بتفاصيله ومدى قدرته على جذب المشاهد لـ”30″حلقة، وبرأيي الجهد الأكبر لا يكون بالشارة فقط، بل جهد الملحن الموسيقي الذي يكون في سياق العمل الدرامي عبر المؤثرات الصوتية والماكساج، أي دعم الصورة بصرياً وسمعياً، فوظيفة الموسيقا ليست ملء الصمت بل دعم الحالة الدرامية ودعم التأثيرات النفسية على المشاهد والتأسيس السمعي لبعض المشاهد والربط بينهما فالعمل الأساسي يكون داخل العمل، وأعتقد أن مهمتي كموسيقي تقديم شارة جميلة بالتوازي مع دعم الحالة الدرامية موسيقياً.
تكامل العمل الفني
* لكن هناك أعمالاً فنية حققت جماهيرية من ناحية النص المطروح والتوقيت الجيد للمتابعة رغم أن الشارة أقل من عادية؟
صحيح، لكن في السنوات الأخيرة بدأت شركات الإنتاج تعي أهمية الشارة الموسيقية، لذا لجأت إلى مطربين مهمين ونجوم كي يحقق العمل الفني متابعة جماهيرية و حضوراً لمكانة هذا العمل، إضافة إلى أن بعض المطربين باتوا يتعاملون مع الشارة كأغنية، إذاً هي عملية تكامل في مفردات العمل الفني بدءاً من التسويق وتوقيت العرض وصولاً للمزاج العام للمشاهد.
* مؤخراً بدأ يتردد اسمك بدورات المونتاج، إلى أي حدّ نحن نواكب التطور في هذا المجال عالمياً؟
البرامج تتطور من عام إلى آخر، والمنافسة شديدة بين الشركات العالمية في موضوع المونتاج، وأنا مطالب كمدرب بأن أقدم للمتدربين آخر ما توصل إليه العلم في هذا المجال، لذا يحتاج المدرب إلى الاطلاع على آخر الإصدارات الحديثة لأهم التقنيات والأساليب الجديدة، وهذا عبء جميل خاصة عندما نشعر بأن الخبرة التي نجمعها نقدمها إلى متدربين يثقون بك وبخبرتك.
تراجع الذائقة الفنية
* مراحل التطور التقني والقفزات التي يحققها العلم في هذا المجال منذ التسعينيات إلى الآن؟
في بداية التسعينيات كانت عملية المونتاج تحتاج أجهزة خاصة، إضافة إلى الحاسب وكان عدد المتدربين في هذا المجال ضئيلاً جداً، ولكن الآن المونتاج أصبح أكثر انتشاراً فأي حاسب أو هاتف نقال نستطيع تنزيل برمجيات معينة ويصبح المرء قادراً على عملية المونتاج، وكذلك الجيل الجديد الحالي هو مواكب للتطور التقني والتكنولوجي وبات مطلعاً عليه أكثر من المشتغلين فيه، وأود أن أؤكد على فكرة أن المونتاج هو فن وتقنية، وما نلاحظه الآن أن هناك الكثير من التقنيين العاملين بفن المونتاج، لكن الرؤية الفنية والذائقة الفنية أصبحتا ضحلتين جداً، وأعتقد أن المونتاج بدأ يُظلم من الناحية الفنية بسبب دخول آلاف الأشخاص إلى هذه المهنة لذا بدأت تفقد جماليتها.