هل غيّر هاني شاكر النظرة إلى ذائقة الشباب؟
تشرين- هدى قدور:
غيرت حفلة هاني شاكر، في دار الأوبرا بدمشق، النظرة إلى ذائقة الشباب الذين هرعوا ، وهم من كل الأجيال تقريباً ، إلى التزاحم من أجل الفوز ببطاقة لحضور الحفلة.. فشاكر “1952” المحسوب على الجيل الوسط، تمكن من حجز مكانة مختلفة منذ أغانيه الأولى عام “1966” وصولاً إلى هذه المرحلة التي انتشرت فيها الأغنيات الحديثة والموسيقا الغربية كأسلوب مختلف في التعبير والتذوق عند شباب راحوا يتمردون على كل شيء تقريباً ويبتكرون وسائلهم الخاصة.
حفلة هاني شاكر تحتاج إلى تحليل في ظل الانقسام الذي ظهر على وسائل التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض لهذه الحماسة.
يقول البعض: إن الشباب تواقون إلى الفن الصادق المحترف بالصوت والكلمات والموسيقا، وتاليا يعد الإقبال على حفلتي هاني شاكر طبيعياً، في ظل انتشار الغناء الهابط والاستسهال في تصدير المطربين غير الممتلكين للموهبة الذين غالباً ما يخرجون من المقاصف والنوادي مراهنين على تشجيع جمهور معين لا يمكن الركون إليه في حساب سلامة المخيلة والذوق في الاستماع.
وفي جانب آخر من الموضوع، فإن التحليل النفسي سيصاب بالحيرة وهو يشاهد الجمهور يزدحم بالحجم نفسه أمام شباك تذاكر مطربي “الطقطوقة” مثلما يفعل أمام شباك الفن العالي! وتاليا فإن السبب يمكن أن يرجع إلى اختلاف شرائح الجمهور بين فنان وفنان آخر، وأيضاً إلى ضياع المقاييس الفنية النقدية التي تميز بين مطرب وآخر، عدا اعتبار البعض أن حضور الجمهور يمكن أن يشكل دليلاً على رقيّ الفن المقدم، وهذا بالطبع سيعيد الحوار حول مقولة “الجمهور عايز كده” ليصبح السؤال متعلقاً بوظيفة الفن في تعامله مع الجمهور، هل يفترض أن ينزل إلى ذائقتهم، أم يجب عليه رفعهم إليه وتحسين الذائقة لديهم؟!
من جانب آخر، يبدو الجمهور السوري سعيداً بالتواصل مع المطربين العرب في حفلاتهم المباشرة بعد سنين من الحصار الذي أريد له أن يطول كل شيء. ولاشك بأن حفلات هاني شاكر بدمشق والاحتفاء الذي لقيه مع الحضور الحاشد للجمهور، سيشجعان مطربين عرباً آخرين على القدوم خلال المرحلة القادمة، وقد بدأت بالفعل أنباء تتردد عن رغبة بعضهم في الزيارة لينالوا ما لقيه هاني شاكر من حفاوة لدى الجمهور السوري.
يتفق الجميع على أن “الغربلة” أثناء المسيرات الفنية يمكن أن تفرز الغث من السمين، وأن صمود أغنيات هاني شاكر منذ ستينيات القرن الماضي حتى اليوم لهو دليل على أثرها الكبير في ذائقة الجمهور متوسط العمر والشاب، فالعملية التفاعلية بين الجمهور والفنان تؤدي إلى تطور التجربة وتحكم عليها بالاستمرار أو التوقف. وهناك الكثير من الأمثلة عن فنانين توقفت تجربتهم نتيجة عزوف الجمهور عن أدائهم المتواضع في الصوت واللحن والكلمات.
من حق جميع شرائح الجمهور الاحتفاء بالفن الذي يلبي حاجاتها الجمالية والنفسية، وتاليا فإن الهجوم على حفلات هاني شاكر ليس منطقياً، فالغناء يحتمل الكثير من الألوان مثلما هو الجمهور متعدد في الذائقة والمزاج.. وفي هذا المجال تبدو إطلالة هاني شاكر صحية ومنطقية ويفترض ألا تثير الجدل والخلاف بين الجمهور والنقاد.