جدل بين خبيرين حول التضخم وجدوى اختصار الأصفار من العملة الوطنية كخيار استدراكي
تشرين- نور قاسم:
نفى رئيس هيئة الأسواق والأوراق المالية الدكتور عابد فضلية , أن يكون ثمة علاقة بين إعادة هيكلة الدعم و معدلات التضخم، مبيناً في تصريح لـ ” تشرين” أن هناك أسباب عديدة منها الداخلي الذي يحصل نتيجة قلة العرض وارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج ، و الآخر الخارجي أي المستوردات، ويسمى اقتصادياً بالتضخم المستورَد ، وفي هذه الحالة تنخفض قيمة العملة الوطنية عندما تبقى الرواتب والأجور ثابتة، و القوة الشرائية لهذه الرواتب والأجور تنخفض حتماً. ويلفت فضلية إلى عدم وجود علاقة بمسألة رفع الدعم بنسبة التضخم في سورية إلا في حال ازداد طلب المحرومين من الدعم و المدعومين على بعض أنواع السلع المدعومة بسعر أعلى من الرسمي أو المدعوم….فيما يرى الخبير المصرفي عامر شهدا أن رفع الدعم عن بعض الأسر أدى ساهم بحصول التضخم الحالي.
لا جدوى من إزالة الأصفار
وبالنسبة للاقتراحات التي تقدم بأن الحل للخلاص من الآثار السلبية الناجمة عن التضخم هو بإزالة صفرين إلى ثلاثة أصفار من العملة ليتراجع التضخم فيما بعد ، كما فعلت هولندا في فترة من الفترات وكان بمثابة المنقِذ لها من تبعات التضخم الكبير الذي عانت منه في ذلك الوقت، تساءل الخبير المصرفي عامر شهدا ماذا سيؤثر حذف الأصفار وهي عبارة عن تصغير رقم فقط ، و ماذا سيكون تأثيره طالما أن التضخم واقع والأسعار مرتفعة ؟ فما هي ارتداداته على الاقتصاد في حال حذف صفر أو صفرين من العملة؟ !
وأردف شهدا إن طباعة العملة ليست أمراً سهلاً أو ميسراً فهي تحتاج إلى أوراق وأحبار خاصة وسرية وموافقات ، فالعملة مراقبة عالمياً وليست مجرد طباعة، فالأمر مكلف جداً، وحالياً الموارد القادرة على تغطية طباعة العملة غير متاحة في سورية، والأولَى الاهتمام بوضع سياسة نقدية ماليه تخفِّض نسبة التضخم وترفع القوة الشرائية لليرة السوري أفضل من التفكير بطباعة عملة ورفع كتلة العجز بالموازنة.
ويوافقه في الرأي رئيس هيئة الأسواق والأوراق المالية الدكتور عابد فضلية ، بأن التضخم في سورية وعلى نسبته العالية لم يصل بعد إلى مرحلة يتوجب معها حذف الأصفار ما دام التضخم ما يزال ضمن الحدود المقبولة و مازال ممكناً السيطرة عليه ولجمه ، مقارنةً مع الظروف المعقدة التي أدت إليه كالحصار والعقوبات.
ازدياد الكلفة
وفي الطرف المقابل بيّن شهدا أن مشكلة التضخم في سورية في ازدياد التكلفة وليست في النقد، فالنقد عندما يكون سبباً في التضخم يمكن معالجته من خلال سياسة نقدية انكماشية تحكِم الرقابة على الكتلة النقدية المتداولَة تخلق أدوات تمتص الزيادة من الكتلة النقدية، وارتفاع التكلفة السبب الرئيسي أيضاً لزيادة التضخم، كما جرى بعد رفع أسعار المشتقات النفطية، وطرح شهدا مثال أن رفع سعر المحروقات أضاف كميات كبيرة للكتلة النقدية ، وهنا تكمن المشكلة بطرح كتلة نقدية بشكل كبير أدى للتضخم ، لافتاً إلى أن أهم الأسباب لارتفاع الأسعار في البلد ازدياد الكلفة الناجمة عن زيادة سعر المحروقات التي بُررت لسد العجز ، وتالياً لجم التضخم يكون بتخفيض التكلفة بحسب شهدا .
ضعف القدرة الإنتاجية
وأما الدكتور فضلية فأشار إلى أن التضخم يعبَّر عنه بالارتفاع الشامل والمستمر للأسعار، فبعض السلع لها مبرر بسبب ضعف القدرة الإنتاجية مثل لحم الفروج الخضار والفاكهة خارج موسمها ، وايضاً بعض السِّلع المطلوبة التي يتم تصدير جزء منها ولم يعد ما هو موجود يكفي للاستهلاك المحلي.
وأوضح فضلية أن المبرر لارتفاع سعر الفروج في سورية على سبيل المثال ناجم عن ارتفاع تكاليف الإنتاج ، ففي فصل الشتاء القارس ترتفع كِلف التدفئة، وأما في فصل الصيف ترتفع التكاليف أيضا بسبب ضرورة توفير التبريد الملائم والعزل لكي لا ينفق الدجاج بفعل الحرارة المرتفعة ، ناهيك عن كثرة النزهات في الصيف وازدياد الطلب على الفروج في المطاعم ، فكثرة الطلب تؤدي إلى الزيادة في السعر، في حين يبدأ ينخفض سعره في فصل الربيع مع وفرة الخضار الموسمية وازدياد الإقبال عليها مقارنةً مع الفروج ، وتنخفض أسعاره أيضاً في فصل الخريف، وتوجّه الأُسر السورية في هذا الفصل بنفقاتها لشراء القرطاسية لأبناءها وللمؤونة فيقل الطلب على الفروج.
ولكن في كافة الأحوال سواء كان الطلب قوياً أو ضعيفاً فالكمية المنتجة من الفروج هي أقل من الطبيعي نظراً لتوقف معظم المربين عن التربية بسبب ارتفاع التكاليف، ولأن القوة الشرائية للسوريين صارت ضعيفة بحسب فضلية.