الدكتور محمد شاهين: الحرب الثقافية تشويه للمبادئ والقيم والتّاريخ
ثناء عليان
تحت عنوان (الحرب الثقافية على سورية أشكالها ودلالاتها) ألقى الدكتور محمد شاهين محاضرة في المركز الثقافي بصافيتا أكد فيها أن الحرب الثقافية لا تقل خطورة عن الحرب السياسية والعسكرية التي فرضت على سورية منذ عام 2011، ولا عن الحرب الاقتصادية التي وصلت ذروتها عام 2020 مع “قانون “قيصر، وبيّن أنه ليس من الضروري أن تكون الحرب الثقافية ملازمة للحروب العسكرية والاقتصادية، لكنها تأخذ منحى خطيراً ، لافتاً إلى أن الحرب الثقافية تُعد من الحروب النّاعمة إذ لا تترك وراءها آثاراً تُرى على المدى القريب، ومن أهدافها: تشويه المبادئ والقيم والتّاريخ الخاص بشعب من الشّعوب، فضلاً عن كونها تسعى إلى تصفية العقول وتستهدف إنسانية وثقافة الدّولة المستهدفة.
ومن أشكال الحرب الثقافية على سورية -حسب شاهين- تشويه تاريخنا فعلى سبيل المثال: تمّ طمس عيد الحبّ عند السّوريين القدماء 11 نيسان وهو عيد عشتار وتموز وجعله عيداً رومانياً 14 شباط. وجعلوا كذبة أول نيسان مكان عيد الأمّ عشتار. لافتاً إلى أن استخدام الفيسبوك عند السّواد الأعظم من السّوريين وتحوله من وسيلة تسلية إلى مصدر للمعلومات من دون التحقق من صحتها، فازدادت الغربة وعمت الفوضى وتم تشويه كل ما هو جميل وحقيقي من مدّعي الثقافة، وهذا ما دفع اتحاد الناشرين الدوليين لإصدار تقرير عام 2012 بعدد السّاعات في السّنة التي تخصصها الشّعوب للقراءة، فكان نصيب المواطن العربي 6 دقائق في السّنة.
ومن أدوات الحرب الثقافية على سورية أشار شاهين إلى حرب الوثائق حيث عملت تركيا وفرنسا على نشر مجموعة من الوثائق المزيفة لتشويه تاريخ سورية الحديث والمعاصر بهدف التأثير على نفسية السوريين، كما استهدفت شخصيات وطنية ودينية سورية مثل يوسف العظمة وإبراهيم هنانو والشيخ صالح العلي وكان الهدف من ذلك زرع بذور الفتنة وخلق الشك والضياع في تلك الشخصيات وغيرها.
بالإضافة إلى حرب الآثار، وهنا اعتمد الغرب قبل الحرب على سورية في حربه الثقافية على تشويه التاريخ من خلال ظاهرة الاستشراق وإظهار العرب على أنهم متخلفون ورعاة إبل، لكنّ الآن أخذ الموضوع منحى خطيراً حيث إنّ حرب الآثار تجاوزت التشويه إلى التسييس، وبدأت الحرب الثقافية تعمل على توظيف الآثار لخدمتها أي تسييس الآثار كما فعل الأتراك في شمال سورية ولواء اسكندرون لطمس ارتباطها مع الوطن الأم سورية، والمدن المنسية لكونها المكان التاريخي للأرمن، أما التوراتيون الذين فشلوا في العثور على آثار تثبت الوجود اليهودي في المشرق انتقلوا منذ عام 1991 نحو محاولة تغيير بعض التاريخ ليتناسب مع التاريخ الذي جاءت به التوراة فعملوا على تسييس موقع إيبلا وكنيس جوبر وعين دارة، بينما عملت د*ا*ع*ش لخدمة الدول المعادية على طمس وتفجير كل الآثار العربية في تدمر، وشمال العراق، والقائمة تطول.
واختتم شاهين محاضرته مؤكداً أن ما نحتاج إليه اليوم لمواجهة هذه الحرب الثقافية القذرة التي تحمل الكثير من الوجوه أهمها الاستشراق، وحرب الأعياد وطمسها، وحرب الوثائق، ومتسلقو الثقافة من غير المختصين، وتسييس الآثار ، هو العمل على عقلنة المجتمع من جديد لإيقاظ الوعي من خلال الندوات والمحاضرات، فنحن نمتلك الكثير من وسائل الدفاع، ولهذا الشيء صرخ الشهيد خالد الأسعد قبل استشهاده قائلاً: “نخلات تدمر لن تنحني”.