أمراض الري بالصرف الصحي بالجملة.. والزراعة توجه بإتلاف المزروعات
تشرين- يسرى ديب
جريمة ترتكب بشكل يومي منذ عقود، وتفاقمت خلال الحرب على سورية.. وهي استخدام مياه الصرف الصحي للري في الكثير من المحافظات.
وإذا كانت هذه الظاهرة شائعة قبل الحرب، حيث شبكات الري متوافرة، فإن الوضع أصبح أكثر سوءاً بعد الحرب، وربما كان استخدام الصرف الصحي للري أحد أسباب الإصابة بالكوليرا في بعض المناطق مؤخراً.
إتلاف وضبوط
مدير زراعة حلب رضوان حرصوني بين لـ ” تشرين” أن المساحات التي تروى بمياه الصرف الصحي تصل إلى نحو مئتي دونم من أصل ٢٠ ألف هكتار على سرير نهر قويق، وتوجد هذه المساحات في مناطق( النيرب ، الشيخ سعيد، والأنصاري، وخان طومان)، وأكد قيامهم بإتلاف الخضار التي تؤكل نيئة على سرير نهر قويق في بعض مناطق ريف حلب، وأن هناك لجنة مشكلة لهذه الغاية تعمل استناداً للقرار رقم (٨) لعام ٢٠٠٦.
وقال: تم إتلاف 165 دونماً هذا العام مزروعة بخضراوات تؤكل نيئة كالفليلفة والبقدونس والنعنع…الخ..
وذكر حرصوني أنه يتم وبشكل دائم من خلال الوحدات الإرشادية توعية المزارعين في هذه المناطق من مخاطر المياه الملوثة والاستعاضة عنها بمياه عذبة.
تضرر الآبار
تستخدم مياه الصرف الصحي للري في ريف دمشق، ويؤكد مدير زراعة ريف دمشق عرفان زيادة لـ “تشرين” أن استخدام الفلاحين للمياه الملوثة يعود لتضرر أعداد كبيرة من الآبار التي كانوا يعتمدون عليها في تأمين وسائل السقاية غير الملوثة، وأضاف : نظراً لأضرار هذه المياه الكبير لما تحتويه من طفيليات وفيروسات وبكتيريا تسبب العديد من الأمراض والأوبئة، تقوم الكوادر الفنية في مديرية الزراعة بالتعاون مع الجمعيات الفلاحية بالمنطقة في ضبط مخالفات مياه الصرف الصحي وتنظيمها بشكل ضبوط بأسماء المخالفين والمساحة التي تمت فيها المخالفة وتحال للقضاء أصولاً.
إجراءات صارمة
إضافة إلى قيام المديرية بفلاحة الأراضي المروية بمياه الصرف الصحي بآليات مديرية الزراعة كإجراء رادع عن استخدام هذه المياه الملوثة في السقاية.
وبيّن عرفان أن المساحة الإجمالية المفلوحة لهذا العام تقدر بنحو ( 200 ) دونم لتاريخه، وبعدد ضبوط وصل إلى ( 48 ) ضبطاً ، وتنتشر هذه الزراعة في عدة مناطق من ريف دمشق (قطنا، دوما، داريا، دمشق، القطيفة , النبك ، التل) وتنظم الضبوط مع جملة من الإجراءات الرادعة والصارمة والتوعوية لمنع السقاية بمياه الصرف الصحي للمزروعات حسب زيادة.
وأشار إلى أن أنواع الزراعات المضبوطة من الخضار الصيفية (ملفوف – بازلاء – فول – ملوخية- شعير رعوي – باذنجان – بامية- ملوخية- بقدونس -نعنع – طرخون- خبيزة – بقلة – ذرة علفية وكوسا).
انتشار الأمراض
وعن أضرار استخدام هذه المياه قال زيادة: إنها تسبب تركيبة من الأضرار متعددة الجوانب (بيئياً – صحياً- زراعياً) حيث تؤثر في تركيب التربة الزراعية وصلاحيتها للاستثمار الزراعي بالإضافة إلى أنها تشكل خطراً كبيراً على الصحة العامة، حيث تساعد على انتشار الأمراض.
أما التأثير الأكبر فهو على الخضار النيئة، لأن هذه المياه تحتوي على حمولة بكتيرية وجرثومية عالية جداً علاوة على إحداث تغيرات بمواصفات المياه الجوفية.
بعد معالجتها
في حين ركز رئيس قسم الإشعاع في هيئة الطاقة الذرية الدكتور محفوظ البشير لـ” تشرين” أنه لا يجوز بأي شكل من الأشكال استخدام مياه الصرف الصحي غير المعالجة في الري، و أنه يمكن استخدام المياه المعالجة في الري، عندما تعالج مياه الصرف الصحي في المحطات المخصصة لذلك ومنها “محطة عدرا” مثلاً التي تعالج مياه الصرف الصحي لمدينة دمشق.
وأشار البشير إلى أن”المواصفات” تمنع استخدام مياه الصرف الصحي في ري المحاصيل والخضار التي تؤكل من دون طبخ، ويقتصر استخدامها على المحاصيل الصناعية والأشجار الحراجية وكذلك يمنع استخدامها أيضاً في ري الحدائق التي يرتادها الأطفال.
اعتداءات على الخطوط
وأشار البشير إلى قيام البعض بالاعتداء على الخطوط الرئيسة للصرف الصحي، وإحداث ترع وقنوات جاريه عشوائية تستخدم في ري الخضار والمحاصيل الغذائية من دون مراقبة، وأنه يمكن التحقق من ذلك من خلال القنوات التي تأتي من مناطق كالسبينة وتصل حتى قرحتا في جنوب دمشق.
وأن مخاطر هذا الري تتمثل في أضرار كبيرة تتمثل في انتقال الأمراض المعدية المحمولة على المنتجات المروية بهذه المياه إلى المستهلك، وأن ما يشعره الناس بعض حالات الإسهال والمغص في الصيف، نتيجة تناول هذه المنتجات.
وقال البشير: إن أكثر المناطق التي تستخدم هذه المياه هي المناطق المجاورة للمدن الكبيرة التي تنتج كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي، وأن التعرف إلى هذه المناطق لا يحتاج إلّا إلى إجراء جولة بسيطة على المناطق المجاورة لدمشق لرؤية هذه الترع التي تفوح منها الروائح الكريهة.
مخلفات كثيرة
مدير المخابر في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك باسم حمدان تحدث لـ” تشرين” عن أضرار استخدام مياه الصرف الصحي، وبين أن هذه المياه لا تقتصر على نوع واحد بل تشمل تجمع مخالفات المصانع ودباغة الجلود والأصبغة والمياه المنزلية ومياه المشافي..الخ وهذا يعني أن المياه تحمل معها:
ملوثات بيولوجية وبنسب عالية خاصة (القولونيات البرازية، السالمونيلا، المتحول الزحاري، بيوض الديدان الطفيلية)، ملوثات كيميائية: وخاصة الأملاح الذوابة ( التراكيز العالية من الأمونيا وأملاح الصوديوم والكالسيوم والمنغنيزيوم والكبريت)، ملوثات بالمعادن الثقيلة( الرصاص والزئبق والكاديوم والزرنيخ).
عند استخدام مياه الصرف الصحي غير المعالجة في ري المزروعات له تأثيراته الصحية، وقد تصل لانتشار الأوبئة، وخاصة عند استخدام طريقة الري بالرش حيث تتلوث أوراق النباتات بالملوثات البيولوجية المذكورة وتنتقل للإنسان والحيوان عند تناولها بشكل مباشر ما يسبب انتشار الأمراض.
كما أن استخدام مياه الصرف الصحي غير المعالجة والحاوية على نسبة عالية من الأملاح الذوابة والمعادن الثقيلة له تأثيره السلبي على التربة حيث تسبب التملح على المدى الطويل وبالتالي تغير في خواصها.