اختير من بين أفضل الباحثين في العلوم الإنسانية والإسلامية المفكر المغربي إدريس هاني يفوز بجائزة الفارابي الدولية
تشرين
فاز الباحث والمفكر المغربي الدكتور إدريس هاني بجائزة الفارابي الدولية في دورتها الثالثة عشرة التي يقدمها معهد الدراسات الثقافية والاجتماعية التّابع لوزارة العلوم والبحوث والتكنولوجيا في إيران ، حيث اختير من بين عدد من الفائزين كأفضل باحث في العلوم الاجتماعية والإسلامية.
وقد شهدت العاصمة طهران احتفالاً لهذه المناسبة قبل مدة ، في قاعة المؤتمرات الدولية بحضور الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي ، ورئيس مجلس الشورى ومستشارين وعدد من أطر وكوادر وزارة العلوم والبحوث ولتكنولوجيا.
وفي هذه المناسبة عبّر هاني عن شكره لمعهد الدراسات الثقافية والاجتماعية ولمؤسسة الفارابي الدولية، ولرئيس المعهد والأطر الأكاديمية والعلمية، كما عبّر عن مفاجأته لنيل هذه الجائزة، قائلاً: لقد كنت أشعر بخيبة أمل من الأوضاع العربية والإسلامية، وأمام هذا الإحباط جاء التكريم ليخفف من وطأة هذه الخيبة ويشعرني بشيء من السعادة.
وتناول هاني في كلمته وضعية إيران اليوم، حيث اعتبر أنّ قضية اقتحام مجالات البحث العلمي وقال : “التحدي للأطر العلمية والنماذج والدخول في عالم الاكتشاف يقتضي الشجاعة والتضحية. و إيران أجابت عن سؤالين في مجال العلم: أولاً، ما هي الخيارات البديلة المتاحة للدول التي ليس لديها رصيد من التكنولوجيا، ثانياً، هل هي قادرة على تحقيق اختراق في مستوى العقل الأداتي”.
وحسب هاني، إيران خلال أربعين عاماً الماضية استطاعت إطلاق الطاقات العلمية وتعزيز البحث العلمي في مجال التقانة والعلوم الاجتماعية، وقد حققت ما لم تحققه مجتمعات تتوفر على اقتصاد كبير.
وأشار هاني بأنّ خوف الغرب من إيران، نابع من أنّ تحوّلاً في الموقف التاريخي جعل الغرب يخرج من مرحلة الابتكار إلى مرحلة الاحتكار، أي لم يعد الموقف الغربي بروميثيوسيا، بل أصبح موقفاً زيوسياً، وهي مفارقة تاريخية في الدور والوظيفة. وبعد أن شرح تفاصيل الأسطورة اليونانية، خلص إلى القول، بأنّ الغرب يخشى من الموقف الإيراني البرومثيوسي القائم على خرق الاحتكار والدخول في نادي الابتكار، فارس باتت بروميثيوسية، بل حققت اختراقين: اختراق بروميثيوسي تقني، واختراق للميديو_بارانويا لـ300 إسبرطي.
وقال هاني إنّ إيران كسرت هذا الاحتكار، ولذا فإنّها تتعرض لعقوبة زيوس من خلال إرسال باندورا الفاتنة بصندوقها المتخم بالشرور. فالعقوبات تذكرنا بعقوبة زيوس لبرومثيوس، بصلبه ووضع نسر يأكل كبده إلى الأبد.
وشدد هاني على أنّ إيران حققت تقدماً كبيراً على مستوى ما يسميه هابرماس العقل الأداتي. وقد توسع هاني في أهمية العقل الأداتي الذي هو جوهر ضعف العالم الإسلامي، حيث أهملوا هذا البعد الذي جلب عليهم الهيمنة والاستضعاف، مذكراً بأنّ الاستبداد يمنع من التفكير احتمالياً كما أنّ الهيمنة الإمبريالية تمنع من إطلاق الطاقات في العالم الثالث.
وذكر هاني بأنّ العقل موجود على كل حال ، ولكن الأزمة تكمن في الخيال، ولا بدّ من تصالح العقل والخيال وهو ما بات الغرب يحول بين تحققه في العالم الإسلامي، حيث تطرق هاني إلى معضلة الباراديم في مجال كبح الابتكار، وبضرورة اكتساب الشجاعة في البحث العلمي ، ثم جدد هاني شكره لمعهد الدراسات الثقافية والاجتماعية على هذا التكريم.
وفاز في هذه السنة بالجائزة عدد من العلماء والمفكرين من داخل إيران ومن ماليزيا وبورتوريكو والهند والبوسنة، ومن العالم العربي فاز بها أربعة، اثنان من لبنان هما دلال عباس وأنطوني شكير، واثنان من المغرب هما إدريس هاني وطه عبد الرحمن.
جدير بالذكر أن الباحث الدكتور هاني، يخص جريدة “تشرين” منذ سنوات بمقالات فكرية تتركز على مكافحة مظاهر التخلف في العالم الإسلامي، والتقريب بين تياراته، ومعضلة التبعية واستقالة العالم الإسلامي من التحكم في عالمهم، وأزمة الحداثة، وفكرة الخلاص…