«الصناعة» تطرح 38 شركة متعثرة للاستثمار.. “التربية” تقدّم نفسها كمستثمر “شاطر” وتعلن تحفّظاتها بصوت عالٍ
تشرين- بشرى سمير:
الاستثمار هل بات هو الحل الوحيد لإنقاذ الاقتصاد المتهالك، وهل المشروعات المطروحة للاستثمار قادرة فعلاً على النهوض بالواقع الاقتصادي وتحسينه بما ينعكس على معيشة المواطن؟
وزارة الصناعة التي عانت خلال الحرب من استهداف الإر*ه*اب لمنشآتها تنبهت لهذه الحقيقة وطرحت العديد من منشآتها الصناعية المتعثرة والمدمرة بسبب الحرب للاستثمار وتركت المجال مفتوحاً لكل العروض.
يؤكّد المهندس أسعد وردة معاون وزير الصناعة، مبيناً أنه تم طرح 38 شركة للاستثمار بكل أشكاله والاستثمار يخضع لمجموعة من القوانين والأنظمة حسب طبيعة كل منشأة ولدينا استثمار على القانون 18 لعام 2021 وهو قانون جديد ، وهناك بعض الشركات تم طرحها للاستثمار بموجب قانون التشاركية ونجحنا في أخذ بعض الشراكات وفي بعض الطروحات على القانون 29 الشركات المشتركة.
تردد
ولفت وردة إلى أن عرض وزارة الصناعة قائم ومنفتح على كل أنواع الاستثمار ليس فقط بصيغ الاستثمار القانونية والمختلفة وإنما استثمار هذه الشركات بأي شكل من الأشكال وليس شرطاً التقيد بنشاطها الصناعي وطبيعة عملها السابقة.. وأضاف: تقدم المستثمرون بعروضهم ونحن حالياً في طور دراسة العروض المقدمة وهناك اجتماعات نوعية مع المؤسسات كل مؤسسة على حدة ومع أصحاب العروض المقدمة لهذه المؤسسات ليصار إلى تقييم هذه العروض ومدى انسجامها مع الفكرة الأساسية التي هي استثمار المنشآت المتوقفة أو المتعثرة أو المدمرة.
وهنا طرحنا على المهندس وردة فكرة التشارك مع وزارة التربية التي لديها ما يقارب أربعة ملايين تلميذ وطالب هم بحاجة إلى ألبسة وحقائب وقرطاسية ولماذا لا يتم استثمار إحدى منشآت وزارة الصناعة من وزارة التربية أو بالتشاركية مع مستثمر لإنتاج القرطاسية وتأمين مستلزمات العملية التعليمية، فأجاب وردة: بالنسبة لاستثمار المنشآت في صناعة القرطاسية من المعروف أن القرطاسية هي أنواع مختلفة من المنتجات من أقلام وحقائب ومستلزمات أخرى تخدم العملية التعليمية، لكن في الواقع الحالي لا توجد منشأة قادرة على الدخول في هذا المجال إلّا إذا تم تغيير نشاطها الصناعي من المستثمر ودخل مجال الاستثمار بالشكل الذي يجده مناسباً.
انفتاح
وأضاف معاون الوزير: نحن منفتحون على طرح المنشآت للاستثمار، على سبيل المثال؛ شركة الكبريت هناك عدة عروض لاستثمارها منها كمدارس أو سوق تجاري أو ورشات مختلفة ويمكن أن يكون هناك عرض لاستثمارها كشركة للطاقات البديلة، وأي مستثمر يطرح فكرة نقوم بتلقفها وندخل معه في حوار ونرى مدى القدرة على تطبيق المشروع وريعيته التي تعود على الناتج الوطني من خلال وجود ريعية لهذه المنشآت واستثمار الأصول الموجودة فيها.
عروض
مشيراً إلى وجود عروض لاستثمار بعض العقارات أو أجزاء منها التابعة للشركات العاملة والرابحة، وكان هناك اجتماع نوعي بين وزارتي المالية والصناعة وكان التركيز على استثمار كل الأصول الموجودة في الشركة سواء أكانت ضمن الشركة نفسها أم استثمارها بشكل يحقق ريعية ويضخ هذه الريعية بشكل يحسن موضوع الإنتاجية لشراء آلات وتجهيزات وخطوط إنتاج ورفع الطاقات الإنتاجية حيث ننتقل من الحدية إلى الربحية لتطوير العمل ويمكن أن يتم تغيير بعض الأنشطة الصناعية، لكن قد تواجه الشركة التي تغير نشاطها إلى نشاط آخر عقبة الترخيص الإداري، لذا لا يتم أخذ العرض إلّا بعد مناقشة كل التفاصيل مع المستثمر بما يحقق الاستثمار الأفضل للشركة .
وبيّن أنه قريباً ستدخل شركة إسمنت عدرا حيز الاستثمار وهي معروفة باسم الشركة العربية للإسمنت أخذها مستثمر محلي خلال قصيرة وسوف تدخل في الإنتاج، وكانت الشركة مدمرة، كما دخلنا بتشاركية مع شركة نبض، وهي شركة محلية وقام المستثمر بإعادة تأهيل الشركة وترحيل الأنقاض وحالياً يطالبنا بالتأمين المادي الأولي والمحروقات للبدء في العمل.
في لعب هيئة متخصصة
ولفت وردة إلى أن هيئة الاستثمار هي التي تضع الخطط ويمكن أن يتم الاستثمار بشكل مباشر من العارض أو المستثمر، وأضاف: إن وزارة الصناعة هي مع أي اتفاق لاستثمار أي منشأة صناعية وسوف يعرض على الجهات الوصائية عن طريق اللجنة الاقتصادية ويأخذ موافقة الحكومة لأننا لسنا مخولين بعقد الاتفاقيات من دون العودة إلى الحكومة وموافقتها ليتم بعدها اتخاذ الإجراءات المناسبة ووضع الصيغة المناسبة للشركة بما يحقق مصلحة الطرفين، منوها بوجود ثلاث شركات تنتج الصناعات النسيجية والألبسة المدرسية وألبسة العمال وملابس التمريض: الأولى الشركة السورية للألبسة الجاهزة “وسيم” التي تعمل بطاقتها القصوى لزيادة إنتاجها من الألبسة الجاهزة وكامل إنتاج الشركة للعام الجاري مسوق. كما تعد شركة “الشرق” واحدة من الشركات التابعة للمؤسسة النسيجية بوزارة الصناعة بدأت بالعمل عام 1966 لتصنيع كل أنواع الألبسة الداخلية الرجالية والنسائية والولادية وكل أنواع الأقمشة وكانت لمنتجاتها شهرة كبيرة في عدد من الأسواق الخارجية.
تحفظات وشكوى
بدوره الخبير الاقتصادي ومعاون وزير التربية الدكتور محمود بني مرجة أشار إلى أن الاستثمار هو الحل الوحيد لإعادة الإعمار، لكنه حمّل وزارة الصناعة مسؤولية عرقلة الاستثمار من خلال وجود عقلية متحجرة وطريقة تفكير عامة لدى الموظفين في الدولة عموماً، ومنها وزارة الصناعة، الذين يتعاملون مع المستثمر على أنه لص وما لديه من أموال هي سرقة وهذه العقلية هي التي دمرت الاقتصاد لأن المستثمر سوف يدخل عملة إلى البلد وليس العكس، ولذلك لابدّ من تغيير آلية التعامل مع المستثمر وإيجاد حوار معه وليس مجرد فرض شروط غير قابلة للتنفيذ، ولابدّ من وجود قوانين واضحة وتأمين بيئة استثمار مناسبة وتحديد الكلف ونسبة الربح والرسوم ، وغياب هذه الأمور كان السبب وراء إحجام العديد من المستثمرين.
محاولات مكثفة
وأضاف: كانت لدينا محاولات للاستثمار مع وزارة الصناعة لكن لم ينجح الأمر بسبب هذه العقلية، فالمستثمر يريد أن يحقق الربح ويجب ترك هامش الربح أفضل من أن يلجأ إلى طرق ملتوية لتحقيقه، على سبيل المثال؛ المستثمر بعد أن يبدأ بالمشروع يكلف بضريبة متراجعة بمبلغ كبير يفوق قدرته عن عشر سنوات، علماً أنه حصل على براءة ذمة, واعتمدنا على تجربة إنتاج طلاب التعليم المهني التي بموجب القانون 38 تحولت إلى مراكز إنتاج، وطلابنا أصبحوا ينتجون الكمامات في معمل وزارة التربية من خلال التعليم المزدوج وفق مواصفات صحية وأيد وطنية في المعهد الصناعي الثالث وهو مشروع صناعي استثماري وبطاقة إنتاجية تصل إلى 100 ألف كمامة يومياً. علماً أن قدرة المعمل بنيت على إنتاج 10 ملايين كمامة وبتكلفة تفوق ما يزيد على مليار ليرة ولدى الوزارة مشروع المعقمات ومواد التنظيف في المعهد الكيميائي في حمص لكنه بحاجة إلى تحويل خط التعبئة ونبحث عن مستثمر، وهناك التعليم المزدوج في المدرسة الصناعية في حماة لإنتاج الألبسة وكذلك في ثانوية مردم في المزة أهدى الوزارة ميكرو باصاً بقيمة 40 مليون ليرة ، وأيضاً لدينا عقد مع شركة شامو في ثانوية بسام حمشو لإنتاج الألبسة النسائية وهي شركة لديها عدة فروع توفر الخيوط والصباغة وتحويلها إلى قماش ليتم تفصيلها وخياطتها ضمن المدرسة التي يوجد فيها 60 طالباً وطالبة، وتؤمن وزارة التربية من خلال هذه المشاريع فرص عمل لطلابها، أيضاً لدينا شركة تنتج السخانات الكهربائية تريد الاستثمار وسيتم توقيع العقد معها في المدرسة الصناعية في دمر وسوف ننتج نوعين من السخانات والمدافئ من أصل عشرة أنواع بالتشاركية مع وزارة التربية التي تؤمن البينة التحتية والمستثمر يؤمن الآلات والماكينات، والمشروع جاهز لكن سيتم إجراء بعض التعديلات على فرن الشوي الموجود لدينا في إحدى الثانويات وسيصبح جاهزاً للعمل وتساهم الشركة بتدريس الطلاب ووضع المناهج وهناك شركة بانياس لإنتاج الصفيح والنحاس.
تجربة على الأرض
وأضاف بني مرجة: أيضاً لدينا شركة في حماة قيد التفاوض وأخرى في حمص لإنتاج الألبسة، وأشار إلى أن وزارة التربية هي أجرأ من وزارة الصناعة لأن القوانين في وزارة التربية جديدة والقانون 38 سمح بتحويل مراكز التدريب إلى مراكز إنتاج وسمح بحرية الحركة وأصبح لدى وزارة التربية دخل إضافي وبعد أن كانت وزارة التربية وزارة مستهلكة أصبحت وزارة تقدم كوادر مدربة ولديها إنتاج ومردود مادي.
ولفت إلى أن الوزارة أيضاً من خلال التعليم المهني تقوم بصيانة المقاعد وإنتاجها حيث تم تصنيع 60 ألف مقعد، منوهاً بأن 70 بالمئة من ميزانية الوزارة يذهب الى التعليم المهني مقابل 30 بالمئة إلى الطلاب وهي تكلفة عالية جداً ومشروع مكلف جداً.
وصادف أثناء وجودنا في مكتب معاون الوزير وجود أحد المستثمرين الذي يرغب في الاستثمار في وزارة التربية في مجال صناعة الكتب، ولفت إلى أن وزارة التربية تتعامل بشكل مريح مع أي مستثمر على عكس وزارة الصناعة التي تضع العراقيل بدلاً من التسهيلات.