السدود و«عين الطاووس».. حكاية أثر قاهر.. مناورات بطيئة للالتفاف على الجائحة والمطلوب حلول جذرية
تشرين – غيداء حسن:
العوامل المناخية كالرطوبة الجوية والحرارة المرتفعة شتاء وانتشار السدود وغيرها من العوامل أوجدت ومنذ سنوات بيئة مناسبة لانتشار مرض «عين الطاووس» الذي يصيب أشجار الزيتون, حينها وجدت الجهات المعنية الحل بالتشجيع على استبدال بعض الأنواع الموجودة بأنواع أكثر تحملاً للمرض, العوامل نفسها مازالت موجودة , لذلك فإن الحل بزيادة عدد غراس الأصناف المتحملة له, ففي العام الماضي أنتجت مديرية الإنتاج النباتي 16 ألف غرسة من الصنفين المتحملين للمرض ” السكري والعيروني ” لتزيدها في هذا العام إلى 48 ألف غرسة .
ترى الدكتورة ريم عبد الحميد رئيس قسم بحوث الزيتون في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية أن وجود السدود يساهم بعض الشيء في انتشار المرض ولكن المشكلة الرئيسة بأصناف الزيتون ( الدعيبلي والخضيري) الموجودة في المنطقة الساحلية , فهي تصاب بمرض عين الطاووس ولذلك تم اعتماد صنفي “السكري والعيروني” ويُنصح المزارعون بهما.
اعتماد الصنفين -حسب الدكتورة عبد الحميد – جاء بناء على بحث تم إنجازه سابقاً حول المورثة المسؤولة عن تحمل عين الطاووس التي وجدت في نوعي السكري والعيروني، ولكن المزارعين متعودون كعادات قديمة على الدعيبلي والخضيري , لذلك تم نصحهم بقص الأشجار وتطعيمها بصنفي السكري والعيروني, إذ إن “عين الطاووس” يسبب تساقط الأوراق ويعطي بقعاً على الأوراق لذلك تتساقط ولا فائدة عندها من الأشجار, كما يجب تقليم الأشجار وتعشيب ما حولها وتحتها للتخفيف من الرطوبة لكون الرطوبة العالية والحرارة المرتفعة شتاء تؤدي إلى انتشار هذا المرض .
البحث أنجز بالتشارك مع وزارة التعليم العالي والتقانات الحيوية وتم إيجاد المورثة المسؤولة عن صفة المقاومة لعين الطاووس من خلال دراسات حقلية ووجدت بهذه الأصناف، حيث تمت دراسة توصيفها المورفولوجي ونسبة الزيت فيها وتبين أن مواصفات الثمار نوعاً ما جيدة بالنسبة للدعيبلي والخضيري والزيت فيها أحماضه الدهنية جيدة، لذلك تم نصح الفلاحين بها ووضع مواصفاتها, فزيت العيروني 20 % والسكري بين 24 إلى 26%, وهذا الاعتماد طبق منذ بداية عام 2015، إضافة إلى أن هذه الأصناف “السكري والعيروني” أصناف محلية وليست مدخلة وبالتوصيف الجزيئي لها تبين أنها قريبة من الخضيري والدعيبلي .
وعن الظروف المساعدة على انتشار مرض عين الطاووس أكدت أن العوامل المناخية كالرطوبة الجوية والحرارة المرتفعة تسبب هذا الانتشار , إضافة لغياب الخدمات الزراعية من تسميد ومكافحة أعشاب وتقليم, فالتقليم ضروري جداً لشجرة الزيتون, وهذا المرض أكثر ما يظهر في المناطق المنخفضة , أما المناطق المرتفعة ففيها تهوية وتخف نسبة الرطوبة، وفي منطقة الساحل وحدها نسبة انتشار الزيتون 21 % على مستوى سورية وفي حلب 30% .
وأضافت: عين الطاووس يسبب تساقط الأوراق وجفافها وتكرار الإصابة يؤدي إلى موت الأشجار . ويلاحظ انتشاره قرب الأنهار والسدود، موضحة أن الزيتون يحتاج أسمدة يستعاض عنها بالمنتجات الثانوية (نواتج التقليم بتحويلها إلى كومبوست وتضاف إلى التربة لتحسين قوامها بطريقة مدروسة ويمكن الاستفادة من مياه العصر بشروط وأسلوب علمي موزع بشكل صحيح).
أما عن الزيتون القزمي الذي يلجأ البعض إلى زراعته فأشارت إلى أنه حسب الدراسات العالمية لا ينصح بزراعته ولا يشجع عليها, فهو بحاجة إلى كمية عالية من الري وإلى أتمتة في التقليم والتسميد والرش والقطاف وبحاجة أيضاً إلى كمية عالية من المبيدات والأسمدة.
أصنافنا المحلية تكفي
وعن إمكانية استيراد أصناف جديدة أوضحت الدكتورة عبد الحميد أنه ممنوع استيراد غراس الزيتون حالياً لأن مرض التدهور السريع يأتي عن طريقها ولا تتأقلم مع بيئتنا, وأصنافنا المحلية تكفي, إذ إن لدينا أكثر من 70 صنفاً محلياً. وختمت بأن لكل منطقة خصوصيتها يُوزع لها نوع محدد حسب مكان أرض المزارع وينصح بزراعته.
48 ألف غرسة لهذا العام
يؤكد مدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة المهندس أحمد حيدر أن “عين الطاووس” مرض فطري يصيب الزيتون , أعراضه الأساسية تكون على الأوراق ويظهر على السطح العلوي على شكل بقع دائرية ومع الوقت تأخذ شكلاً يشبه شكل عين الطاووس, ومع اشتداد المرض تجف الأوراق المصابة وتتساقط فتظهر الأغصان كأنها عارية, ما يؤدي إلى ضعف الشجرة وتلفها إذا كانت الإصابة شديدة, أما درجة الحرارة المناسبة تماماً لنمو الفطر فهي بين 15 و 25 درجة وإذا ارتفعت فوق 25 يتوقف نمو الميثيليوم للفطر وتتوقف دورة حياته، فمنذ بداية التسعينيات ظهر في المناطق المنخفضة والوديان ذات الرطوبة العالية, وأحياناً تساهم السدّات المائية أو البرك في زيادة نسبة الرطوبة وتالياً تؤدي بنسبة ما إلى زيادة تفاقم الإصابة في بعض المناطق .
وأضاف حيدر : منذ عام 2002 وحتى 2006 شُكلت لجنة من مديريات الإنتاج النباتي والبحوث العلمية الزراعية والوقاية, هدفها دراسة هذه الحالة وقامت في منطقة بؤر الإصابة في “مجدلون البستان” بطرطوس بتطعيم مجموعة من الأصناف التي نعتقد أنها متحملة لمرض عين الطاووس , وكان في مشاتلنا بالمجمعات الوراثية بعض التجارب على هذا الموضوع إلى أن وصلنا لاعتماد صنفين هما السكري والعيروني المتحملين للإصابة بعين الطاووس، وكوزارة عملنا على منحيين: الأول سريع قصير الأمد , إذ باشرنا بتطعيم الأشجار عند الإخوة الفلاحين في مناطق بؤر الإصابة بإشراف فنيينا ودربوا بعدها عناصر الوحدات الإرشادية ليقوموا بتطعيم أشجار الفلاحين , بعدها أصبحت هناك ثقافة لدى الفلاح بتبديل الأشجار الموجودة لديه بأصناف متحملة لمرض عين الطاووس في مناطق بؤر الإصابة .
المنحى الآخر هو إدخال هذين الصنفين ضمن الخطة الإنتاجية لغراس الزيتون ضمن مشاتل إنتاج الغراس المثمرة التابعة للمديرية في محافظتي اللاذقية وطرطوس , حيث كانت السنة الماضية 16 ألف غرسة استطعنا إنتاجها من هذين الصنفين ورفعناها هذا العام إلى 48 ألف غرسة منهما , ووجهنا مراكزنا المنتجة لغراس الزيتون بتوجيه الإرشاد للفلاحين في مناطق بؤر الإصابة “في المناطق المنخفضة والوديان ” ذات الرطوبة العالية باعتماد هذين الصنفين مع شرح أهمية ذلك, لكونها متحملة لـ”عين الطاووس” وبما أنهم عانوا من هذا الموضوع سيتجاوبون ونحن مستمرون ونحاول زيادة الرقم أكثر من ذلك للتخفيف من هذا المرض بشكل كبير، لافتاً إلى أن توزيع الغراس يتم حسب موقع أرض الفلاح , فإذا كان ضمن بؤر الإصابة ينصح فوراً بهذين الصنفين وحالياً الفلاحون يطلبون هذه الأنواع.