بعض الشركات الدوائية تروِّج لمنتجها بصورة غير أخلاقية والنقابة تطالب بتدوين الاسم العلمي للدواء
تشرين- نور قاسم
كشف نقيب أطباء دمشق الدكتور عماد سعادة في تصريح لـ”تشرين” أن بعض الشركات الدوائية المحلية تطبع اسم الدواء الخاص بها على الوصفة لقاء طباعة عدد من الوصفات للطبيب، عادّاً هذا الأسلوب بالدعاية غير أخلاقي من قِبل الشركة المصنّعة.
ولفت سعادة إلى أنه تم منع كافة الشركات الدوائية من اتباع هذا الأسلوب في محافظة دمشق ، وكل طبيب في المحافظة يكتب على أي وصفة طبية طُبع عليها مسبقاً اسم الدواء تتم معاقبته من قِبل فرع دمشق، مبيناً أن بعض الشركات الدوائية غير مقتنعة بهذه الآلية من العمل ويعدّون أن من حقهم طباعة اسم دوائهم على الوصفة، فيلجؤون إلى المحافظات الأخرى لتحقيق مآربهم .
وأشار سعادة إلى أن بعض الأطباء يشطبون اسم الدواء في حال كان مطبوعاً ولا حاجة للمريض إليه في حين أن بعضهم الآخر لا يشطبه، إذ يسمحون ببيع دواء ليس له أي مبرر، و إلزام المريض بتناوله و لا يفيده، وإنما فقط تجاوباً مع الشركة لأنهم عرضوا عليه شراء الوصفة الطبية له بعدد معين.
أنشطة علمية ولكن !
وبالنسبة للعزائم والدعوات التي تقيمها الشركات الدوائية بين الحين والآخر لعدد من الأطباء ، قال سعادة: أحياناً يوجد منتَج دوائي معين ، وترغب إحدى الشركات المصنِّعة له في تعريف الأطباء به ، فتقام دعوة عشاء أو غداء ما بين المحاضرة والأخرى خلال الاستراحة، وهذا أمر طبيعي يحصل في جميع أنحاء العالم، فالشركات الدوائية جزء من عملها دعم النشاط العلمي، ومن الواجب عليهم دعم الأطباء ليس من خلال المال أو الهدايا وإنما بدعم النشاط العلمي .
و أشار سعادة إلى أن المشكلة تكمن في شيوع هذه الظاهرة في البلد أكثر من اللازم ، وبعض الشركات أصبحت تقيم العزائم لمجموعة من الأطباء بهدف تمرير دواء معين لهم وليس بقصد التعريف بالدواء كما هو متعارَف عليه .
وأردف سعادة إنني أعوّل على نقطة هامة جداً وهي اهتمام الطبيب بسمعته ومكانته و أمانته الطبية التي تمنعه من وصف دواء معين لا يقتنع بنتيجته ، آملاً ألّا يكتب أي طبيب للمريض دواء غير مقتنع به وبناءً على حسابات خاصة.
سوء التخزين
ومن الناحية العلمية؛ الصناعة الدوائية السورية مصدر ثقة حتى وإن تفاوتت الفاعلية من شركة لأخرى لأسباب عديدة ربما لسوء في التخزين أو النقل أو الحفظ وليس بالضرورة سوء تصنيع من الشركة بحسب نقيب أطباء دمشق.
وأشار سعادة إلى أهمية الدور الذي تلعبه وزارة الصحة بالرقابة الصارمة على كافة شركات الدواء، ففي بعض الأحيان يتم إصدار تعاميم من الوزارة لسحب أي دواء من الأسواق يُلاحَظ أنه غير جيد بنسبة كبيرة، وهذا ما يؤكد المتابعة اليومية والحثيثة للمستحضرات الطبية المطروحة في الصيدليات حسب تعبيره ، و الثقة بالدواء الوطني أحياناً أكبر من المستورد لأنه لم يأتِ عن طريق البحر مستغرقاً مدة طويلة يمكن أن يؤثر في تخزينه بشكل سليم وتالياً نقصان فاعليته بشكل كبير.
وتؤيده في هذه النقطة نقيب صيادلة سورية الدكتورة وفاء كيشي في تصريح لـ”تشرين” قالت : لا يوجد تفاوت كبير للفعالية الدوائية بين شركة و أُخرى، فكل الشركات مراقَبة بصرامة من خلال تحاليل تجريها وزارة الصحة قبل طرح الدواء في الأسواق و مباشرةً بعد إنتاجه من خلال مخابر متطورة، و تتشدد في إجراء التحاليل والتأكد من المواصفات الفنية والدوائية والصيدلانية بالاعتماد على اللجنة الفنية المُشكّلة من اختصاصيين بمجال الأدوية وصناعتها.
تبديل الدواء للترويج !
أما بالنسبة للجوء بعض الصيادلة إلى تبديل الدواء الذي وصفه الطبيب من شركة إلى صالح شركة أخرى ربما لأن الشركة المصنِّعة للدواء قدمت عروضاً معينة للصيدلاني، أي إن الشركة تهدي الصيدلاني بضعة أدوية إضافية من ذات الصنف، أو إن الصيدلاني لا يتوافر في صيدليته الدواء ذاته المدوَّن على الوصفة ولكن يوجد لديه بديل يحتوي على المادة الفعّالة ذاتها.
وعدّت كيشي أن الصيدلاني لا يبدل الدواء بقصد الترويج لشركة معينة دون أخرى، أما الحالة التي يضطر فيها للتبديل عندما لا يكون الدواء موجوداً لديه أو مفقوداً، وأن الصيادلة اختصاصيون، ودراستهم في علم الأدوية، وتالياً لديهم معرفة بإمكانية تبديل المادة الدوائية بنفس التركيب ولكن لمعمل آخر .
وأشارت كيشي إلى وجود 96 معملاً دوائياً فعالاً، ولكل تركيب دوائي علمي حوالي عشرة معامل تنتجه، ومن غير الممكن للصيدلاني اقتناء كل الأدوية لجميع المعامل في صيدليته لعدة أسباب أبرزها الكلفة المادية الكبيرة عليه ومن ثم يمكن للدواء أن تنتهي صلاحيته، فيؤدي لخسارة المعامل، والصيدلاني على حدّ سواء .
وقالت كيشي: من المفروض على الصيدلاني الاتصال بالطبيب عند تبديل الدواء، لكون الوصفة من حق الطبيب وهو المسؤول عن تشخيص المرض وعن الدواء الذي اختاره كعلاج ، وأكد نقيب أطباء دمشق الدكتور عماد سعادة أنه يمكن أحياناً حصول تبديل في الدواء الذي وصفه الطبيب من قِبل الصيدلاني، وبعضهم يتواصلون مع الطبيب في حال كان المطلوب متوفراً لديهم بالتركيبة ذاتها ولكن لشركة أخرى، بهدف استشارة الطبيب بإمكانية استخدام البديل من قِبل المريض، وحينها الطبيب إما يقتنع أو لا يقتنع بتبديل الدواء .
مُطالبة !
وفي سياقٍ متصل أشارت كيشي إلى المطالبة المستمرة من النقابة بضرورة أن يكتب الطبيب على الوصفة الاسم العلمي للدواء فقط من دون تحديد اسم الشركة، وهكذا يمكن تزويد المريض بالدواء المناسب تبعاً للاسم العلمي، عادّةً أن هذه الآلية فيها راحة للمريض، لافتةً إلى أن الطبيب عندما يكتب على الوصفة “يُمنع تبديل الدواء” فسيكبد المريض أعباءً إضافية في رحلة البحث من منطقة إلى أخرى في سبيل الحصول على ما يطلبه طبيبه.
نقيب أطباء دمشق سعادة لفت إلى أن الطبيب يكتب الاسم التجاري لأن بعض الأدوية لها أسماء تجارية عديدة، وتالياً فالطبيب يختار تركيبة لشركة معينة دوناً عن الأخرى بناءً على خبرته بهذا الدواء من خلال متابعة تعافي مرضاه ولنتائجه الفعّالة ، ومن الطبيعي ألّا يبدله لصنف آخر مادام العلاج يأتي بثماره المرجوة ، موضحاً أن هذا لا يعني بأن الشركات الأخرى المصنعة لنفس التركيبة سيئة، ولكن تبعاً لاعتياد الطبيب على وصف الدواء بناء على استفادة المَرضى.
ولفت سعادة إلى أن العمل يجب أن يكون متكاملاً بين الطبيب والصيدلاني وبيد واحدة والحرص على تقديم الدواء الأفضل للمرضى للحصول على أفضل نتيجة، فعند وجود مصلحة عامة وهي تحسن الوضع الصحي للمريض فسيقدَّم إليه أفضل دواء متوفر.
ورداً على سؤال “تشرين” عن السبب الذي يدفع بعض الأطباء لوصف الدواء الأجنبي للمريض في بعض الأحيان بدلاً من الوطني، قال سعادة:” إن كل الأدوية الوطنية موجودة، ولا مبرر للطبيب كتابة البديل الأجنبي، و بعض الأدوية التي ليس لها بديل وطني مثل مرض الوهن العضلي ، فيضطر الطبيب حينها لكتابة الدواء المستورد الذي لا تصنّعه أي شركة محلية”