العمالة الموسمية
باتت العمالة الموسمية جزءا مهما من أنواع العمالة أو فرص العمل المتاحة في اقتصادنا، والمقصود هنا من يطلق عليه بالعامية ب”الفاعل” الذي لا يملك إلا قوته العضلية لإنجاز مهام تتركز عادة في الأعمال الزراعية الموسمية كالحصاد وقطاف الأشجار وبعض النشاطات في مواسم السياحة والصيد، وبهذا لا يصنف ضمنها من أصحاب الحرف والمهن..
فمع النقص الشديد في الأيدي العاملة بات الشباب عنصرا نادرا في المناطق الريفية، وأصبحت النشاطات الزراعية التي كان يقوم بها أفراد العائلة شاغرة، ما زاد الطلب على هذه العمالة وتاليا ارتفاع أجورها بعد أن كانت تعد نشاطات جانبية لقلة مردودها مقارنة بأي فرصة عمل أخرى.
وحسب الأرقام المتداولة فإن أجرة عامل قطاف الزيتون تراوح بين ٢٥ – ٣٥ ألف ليرة يوميا تبعا لحجم الجهد الذي يبذله، وكذلك الأمر بالنسبة لأي عامل زراعي في أي منطقة من مناطقنا، ورغم قصر الفترات الزمنية لمثل هذه الأنواع من العمل إلا أن مردودها أصبح أفضل بكثير من العمل في الوظيفة الحكومية وحتى الخاصة، إذ يمكّن الأجر الذي يحصل عليه “الفاعل” من تدبير أموره خلال كامل العام إذا عمل في محصولين أو ثلاثة.
من هنا يمكن القول إن انزياحا قد حصل في مصادر الدخل لقوة العمل بعد أن كانت الدخول من العمالة الموسمية لا تذكر مقارنة بالأجور في القطاعين العام والخاص قبل عقد من الزمن.. فإذا أضفناها إلى العمالة الموجودة فيما يسمى “اقتصاد الظل” نجد أن رقما هائلا من الأجور يتم إغفاله من حساباتنا القومية، ما ينجم عنه خلل في مخرجاتها التي تستخدم كمؤشرات في وضع الخطط وإقرار السياسات الاقتصادية، كقياس الناتج المحلي الإجمالي وما يرتبط به من معدلات النمو وحصة الفرد من هذا الناتج وأرقام التضخم وتكاليف الإنتاج وغيرها الكثير.
لهذا يجب الاتجاه إلى تحديد حجم ونسبة هذه العمالة من قوة العمل المتاحة ودراسة مساهمتها في عوامل الإنتاج، وكذلك لضبط العلاقة بين مكونات سوق العمل وعدم استغلال أصحاب العمل للعمال (أو العكس)، لأن تجاهل الحجم الكبير لهذه العمالة سيؤدي إلى اختلالات كبيرة في معظم خططنا الاقتصادية .