تشاركية الأمس.. واليوم!

التشاركية مع القطاع الخاص ليست وليدة ساعتها، بل تعود لعقود مضت، وأنا أشهد منذ ممارسة عملي الصحفي وأنا أسمع أحاديث مختلفة، وبأوجه متنوعة عن تشاركية العام والخاص في كثير من ميادين العمل، تارة من خلال التعاون مع القطاع الخاص في قضايا استثمارية، بعضها أبصر النور، وأخرى تعاون في مجالات خدمات البنية التحتية وغيرها من مجالات طالتها حكايات التشاركية أو قصص التعاون المثمر مع القطاعات الأخرى لتحقيق رؤية استثمارية، وخريطة مشروعات طالما دعت لتنفيذها حكومات متعاقبة، قدمت مجموعة من الدراسات والرؤى والخطط، وعقدت العديد من المؤتمرات، وحضر فيها الكثير من أصحاب الشأن الاستثماري والاقتصادي على الصعيدين المحلي والخارجي.
والسؤال الذي يطرح نفسه على بساط البحث: منذ ذاك التاريخ وحتى تاريخ اليوم طرح عشرات المشروعات للتشاركية مع الخاص، وقدمت الدولة قوانين داعمة، وإجراءات ميسرة للتنفيذ، والكثير من مقومات الترجمة الفعلية، فكم مشروعاً استثمارياً نفذ تحت مظلة التشاركية، وكم عدد الدول التي تقدمت بمقترحاتها لتنفيذ تعاون يحقق منفعة متبادلة لا تحمل الغبن لأي طرف.
والأهم أين رأس المال المحلي الوطني تجاه طروحاتنا الاستثمارية، ومشروعاتنا وشركاتنا المتوقفة عن الإنتاج منذ عقود، لأسباب مختلفة منها لفقدان حاجتها ضمن المنظومة الصناعية المتنوعة وظهور بدائل متنوعة من القطاع الخاص، أو لأسباب تتعلق بالإدارة أو نقص رأس المال، وهذا ليس المهم في الموضوع والمهم المسؤولية الوطنية التي يتقاذفها القطاعان العام والخاص وقصة (الجزرة) التي يتقاسمها الجميع، وفائدتها وعائديتها لأي طرف، الأمر الذي أخر كثيراً، ظهور تشاركية المنفعة المتبادلة، والربح الذي يحققه أطراف المعادلة من دون غبن، أو خسارة تذكر بدليل أن شركات صناعية متوقفة منذ سنوات لم تنجح كل طروحات وزارة الصناعة لاستثمارها، نذكر منها على سبيل المثال شركة الكبريت، وشركات الزجاج في دمشق وحلب، وشركة الجرارات، وكونسروة الميادين ودرعا وإدلب، وشركة غريواتي لصناعة البسكويت، وشركة الكبريت لصناعة أقلام الرصاص، وغيرها كثير من المواقع في قطاعات مختلفة، مازالت تنعم في طرحها للاستثمار من دون جدوى، والظاهر فيها مجرد صيحات تعلو بين الحين والآخر, وخسارة بمئات المليارات سنوياً، وفقدان عائد اقتصادي كبير لو استثمر بصورته الصحيحة، لكان من أكبر المساهمين في تحسين مستوى معيشة المواطن.
لكن ما الذي حصل, وما الفارق بين دعوات تشاركية الماضي القريب, وبين تشاركية اليوم؟
جوابنا؛ لاشيء ، هي مجرد دعوات تنقصها إرادة التنفيذ, وقطاع خاص جاد وواضح في طروحاته, لا يضع العصي بالعجلات بقصد الهروب من المسؤولية الوطنية، وإدارات تخرج من دائرة المنفعة الضيقة، عندها نحقق المطلوب في تشاركية اقتصادية وطنية بامتياز، وغير ذلك نبقى جميعاً ضمن دائرة الصيحات، كديك الدجاج الذي يصيح لإيقاظ أصحابه باكراً من النوم.
Issa.samy68@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار