يرى كثيرون أن دونالد ترامب بلغ مرحلة التشتت الذهني والهلوسة كما حدث للملك لير بعد خسارته العرش والملك وبعد إصابته بالشرود في الصحراء.
وكما صور شكسبير تأثير خسارة السلطة والثروة على الملك لير فجعلته يتوه في الصحراء مشتتاً، يتوهم صراعات، ويهلوس بانتصارات، الأمر نفسه حدث لترامب الذي يخضع للتحقيق بسرقة وثائق رئاسية وإتلاف بعضها رغم حساسيتها البالغة، كما أنه يخضع للاستجواب بتهمة التحريض على مهاجمة مبنى الكونغرس من مؤيديه الرعاع وأنصاره الذين وصفهم بايدن بـ(الإر*ها*بيين المحليين)، والمصيبة أن ترامب يعد العدة للعودة إلى البيت الأبيض، فهل يكمل الملك لير دفع النظام الأمريكي ليستجيب إلى هلوساته تجاه السلطة؟
يشكل ترامب فضيحة لعيوب وثغرات النظام الديمقراطي الأمريكي الذي سمح له بالوصول إلى المكتب البيضاوي، وهناك من يرى أن حالته العقلية تشبه أو تمثل الحالة العقلية التي بلغتها الحوكمة الأمريكية، فمثلاً عندما سئل ترامب.. لماذا أخذت الوثائق الرئاسية السرية بالغة الحساسية ولم تسلمها للأرشيف الوطني كما هو مفروض قانونياً؟ أجاب بكل بساطة: إنها –الوثائق- لي، ملكي ويحق لي أخذها أينما أريد، بعد هذا التعاطي من ترامب طلب محاموه منه وأجبروه على عدم الإجابة عن أي سؤال أمام أي محقق لتفادي مثل هذه التخريفات التي يؤمن بها ويقولها علناً، وهكذا فإن سكوت رئيس أمريكا السابق، ورئيسها الموعود، أفضل من كلامه، لأن الملك لير بلغ من الخرف مرحلة تضره وتؤذي مصالحه، وتفضح النظام الذي قبل به وأوصله إلى سدة الحكم..
قصة احتفاظ ترامب بالوثائق السرية والحساسة أضافت للأمراض النفسية المعروفة مرضاً جديداً سماه الخبراء (نرجسية الوثائق) كما أن مزج ترامب في شخصيته بين الملك لير الضائع التائه المشتت بعد خسارته الحكم، وبين شخصية الملك الفرنسي لويس الرابع عشر الذي قال (أنا الدولة، والدولة أنا) كما ردد ترامب أمام المحقق، (أخذت الوثائق لأنها لي) وكان يقصد (أخذت الوثائق لأن الدولة لي وبالتالي وثائقها لي)، وكما يقول المثل عندنا (خذوا الحقيقة من أفواه الهبلان)، فإن هبلة ترامب تفضح الكثير من حقائق الحكم الأمريكي المرتدي للديمقراطية والممارس على شعبه وعلى العالم ما يمكن تسميته (نرجسية السيطرة) وهو ما يرد في خطابات الرؤساء الأمريكان وخبثائهم تحت عبارة (التمييز الأمريكي) تبرير للسيطرة على العالم والهيمنة على الشعوب ونهبهما.
وكما طرد الملك لير من البيت الأبيض، يجب حجره ومعالجة (نرجسية التسلط الأمريكي) على العالم، إن لم يكن من أجل شعوب الأرض، فمن أجل الديمقراطية التي لا يمكن أن تقوم على التسلط أو السيطرة والهيمنة، أو التمييز العنصري، على العالم أن يحجر على الملك لير كي يوقف أذاه وجنونه، وكي يحمي العالم من مصائبه وبلاياه، الملك لير هو كل ما تمثله الغطرسة الأمريكية وهوسها في السيطرة على العالم ونهب مقدراته..