حقيقة ” الحاضنة المصرية” لرجال الأعمال السوريين المهاجرين… اسألوا عن ” كويز” لتتعرفوا إلى كواليس الحكاية؟؟!!

تشرين:
بشّر رجل أعمال سوري من حلب، بعودة رجال الأعمال السوريين المهاجرين إلى مصر، من دون أن يفصح عن المعطيات التي بحوزته والتي من شأنها تعزيز ” نبوءته” لكن لا بأس، علينا جميعاً أن نتفاءل، ورجل الأعمال صاحب البشرى يستحق الثناء، حتى ولو كان قد أطلق تصريحه من منطلق الشّد المعنوي.
إلّا أن في ملف هجرة رجال الأعمال السوريين إلى مصر ما يستحق الوقوف مطولاً لتوضيح بعض الملابسات والحقائق التي لابدّ منها، خصوصاً أن الأمور خضعت لتوظيفات كئيبة بكل معنى الكلمة، ولم يخرج أحد ليضع الحقائق في سياقها ونصابها الموضوعي.
وقد كان لافتاً الرقم الذي تمّ تداوله مؤخراً حول وجود 30 ألف رجل أعمال في مصر يستثمرون ما مقداره مليارات الدولارات، لن ندخل في لعبة الإحصاء لأن لا أرقام واضحة ودقيقة معلن عنها، والأشقاء المصريون أكثر ذكاءً من الوقوع في خطأ الإفصاح عن الرقم لأنه كبير وكبير جداً.. إذ يبدو عدد رجال الأعمال كبيراً، ونعلم جميعاً أن تكلفة مشروع واحد من تلك التي جرى الإعلان عنها باحتفالية رسمية في مصر، تبلغ تكلفته بضعة مليارات من الدولارات..فلا جدوى من البحث عن رقم دقيق لاستثمارات السوريين في مصر من مطعم الشاورما حتى مصنع النسيج العملاق.
مفارقة
قبل أن نمضي في السرد حول هذه القضية الإشكالية، سنطرح بعض التساؤلات:
أولها: إذا كانت البيئة غير مناسبة هنا كما يدعي المهاجرون – وهذا طبيعي في ظروف الحرب – فلماذا بقي من بقي، وكيف انتعشت أعمال من بقيت مصانعهم مفتوحة؟
ثاني التساؤلات: لماذا أشرعت بوابات قاعات التشريفات في المطارات الخارجية لرجال الأعمال السوريين المهاجرين…هل بسبب لون العيون أو الأنساب أو السيرة الذاتية، أم لأنهم حائزو أموال بأرقام هائلة ؟
ثالث التساؤلات: ما مصدر أموال رجال الأعمال السوريين المهاجرين إلى مصر وغيرها..أليست البيئة ذاتها التي برعوا بـ” شتمها” بمجرد وطئهم أرض مطار الآخر الذي تلقفهم بذكاء..
رابع التساؤلات: لماذا بدأت هجرة رجال أعمال ” قطاع النسيج” السوري إلى مصر بعد العام 2004 ، ما الذي تغير، وهل المتغير هنا أم هناك في مصر؟؟..وهذا التساؤل يحمل في إجابته السرَّ الحقيقي الذي سنتحدث عنه وهو ” كويز” وسنشرح ما ذا تعني كويز في السطور اللاحقة.
ولا بدّ أن نعرف.. هل تبدو مبادرة “الأشقاء” المصريين إنقاذية فعلاً، بالنسبة لسورية والاقتصاد السوري؟؟
لن نجيب مباشرة ، لكن نزيد بسؤال آخر و هو: إذا كانت مبادرة إنقاذية ودّية و أخوية إلى الحدود التي تحدث عنها بعضهم هنا، بل ” وتغنى بها بألحان مختلفة”..لماذا إذاً تضع السلطات المصرية اشتراطات تعجيزية على تصدير المنتجات السورية ودخولها إلى أسواقها – اشتراطات موسمية متكررة – وتوجه ضربات موجعة تلو الضربات إلى المنتج السوري في قطاعي الزراعة والصناعة ؟؟.. و وفي الوقت ذاته تفتح أبوابها على مصراعيها أمام كل من يرغب بالرحيل إليها، وربما لو امتلكت السخاء والإمكانات لأحضرت طائرات خاصة إلى دمشق لترحيل السوريين ؟!!
بالتأكيد لا يوجد ما هو ودّي في عالم الاقتصاد الخالي من العواطف والوجدانيات، حيث لغة الأرقام والمصالح على طريقة ” أنا وليكن من بعدي الطوفان”..لذا على من يلزم ألّا يتوهّم ويصفّق لفصول هذا المشهد الكئيب..
الحقيقة في مكان آخر
بشيء من التردد ربما، يفصح رجل أعمال سوري ممن هم في مصر اليوم، أمين الجالية السورية، وهو موجود هناك حتّى قبل اندلاع الحرب على سورية، أفصح عن حقائق مختلفة من كواليس المشهد هناك، والذي تتصدره ملامح افتراضية كادت أن توحي بأن ” الشقيقة مصر” تحولت إلى جنّة استثمارية رغم أنها تكاد لاتخرج من حزمة “سنوات عجاف” حتى تدخل في أخرى.. تتحول فجأة إلى قبلة استثمارية للسوريين؟؟…بالفعل ثمة ألف سؤال وسؤال يتركه مثل هذا العنوان الذي خيّم على طريقة تناول الظاهرة الجديدة ” الهجرة إلى مصر” .. عنوان تم الاشتغال عليه بعناية كبيرة، و إذكاء الجدل بشأنه وتوظيفه في خدمة الدعاية السوداء أو الرمادية..!!

ويتعلق بالمفارقة المتمثلة بالموقف من الجانب المصري الذي برع في محاولة استقطاب حائزي المال السوري – ليس اليوم وحسب – بل منذ سنوات عندما بدت ملامح الانفراج في سورية قبيل قانون قيصر، وقبلها منذ العام 2004 ، ونذكر تفاصيل كثيرة تضمنتها الأحاديث، عن نيات بإقامة مدن صناعية خاصّة بالسوريين هناك، وتولى الوزير أحمد الوكيل حينها قيادة هذا الملف، بمساعدة رجال أعمال سوريين هناك. يقول رجل الأعمال السوري المهاجر: “لجأ إلي أحد رجال الأعمال السوريين في مصر يزمع إقامة مشروع صناعي هناك، ولم يتمكّن من الحصول على التراخيص المطلوبة رغم كل ما دفعه من أموال – من تحت الطاولة – في مختلف الدوائر المعنية هناك، ولعلاقة صداقة تربطني مع شخصية برتبة لواء في أحد الأجهزة الفعالة – يقول الرجل – تمكنت من إيصال الشكوى إلى حيث يجب، لكن اللواء أحب أن يسمع بنفسه وطلب أن أجمعه بـ ” الصناعي العاثر” بصفة مستعارة “محامٍ “، وكان ذلك …واستمع لقصة ابتزاز وتسويف طويلة…المهم تولى ” المحامي المستعار” حلّ المشكلة، و بالفعل تم منح الترخيص للرجل السوري بعد أيام قليلة”..هذا حديث رجل أعمال سوري في مصر منذ حوالي 5 سنوات من الآن…لذا علينا ألّا نتوهّم أن الأمور تسير هناك بالنسبة لرجال المغادرين على بساط أخضر، وعلى الجميع ألّا يغرَقوا وُيغرِقوا من معهم في مقارنات غير موضوعية بخصوص بيئات العمل والاستثمار..
فلا تتحدثوا عن ” الجنة الاستثمارية” هناك..وليتريث الجميع قبل أن يطلق العنان لنفسه في الحديث بمصطلحات غير واقعية.

“كويز” ولا شيء آخر
الآن سنوضح لماذا مصر…ولماذا سافر السوريون إلى هناك للاستثمار قبل الحرب على بلادهم…ولماذا نلاحظ أن معظمهم صناع نسيج بالدرجة الأولى ؟؟؟…تساؤلات نظنها مهمة والإجابة عنها بكلمة مؤلفة من 4 حروف ” كويز”.
الـ” كويز” هي اتفاقية مصرية – إسرائيلية- أميركية، تعود للعام 2004، أثارت جدلاً حينها لا يقل عن الجدل الذي أثارته اتفاقية ” كامب ديفد”..وتقضي الاتفاقية – كويز – بفتح الأسواق الأميركية أمام منتجات الغزول والنسيج والملابس المصرية، من دون رسوم جمركية، شريطة أن تحتوي هذه المنتجات على نسبة 11.7 % مدخلات إسرائيلية ..
أي غدا قطاع النسيج المصري مرشحاً ليكون في صدارة القطاعات العربية التصديرية إلى العالم، وبات أهم مطارح الاستثمار بالتالي الوجهة المجدية والمحببة لكل صناعيي النسيج والملابس والغزول العرب، ومنهم السوريون، وقد شهدت السنوات العشر ما قبل الحرب على سورية، وكذلك السنوات العشر بعد الحرب، ظاهرة نزوح كثيفة لصناع النسيج السوريين إلى مصر، وبالطبع كانت لكل منهم ذريعة لتبرير فعلته، بعضهم تحدث عن مضايقات و آخرون سردوا حوادث محددة تصب كلّها في خانة دوافع ” الهجرة إلى الكويز”..؟!! و تصدر السوريون قطاع النسيج في مصر وهناك شركات ذات شهرة عالمية ..ولمن يشاء أن يسوق التقديرات التي يراها مناسبة للموقف، ومن الممكن أن يحتفظ بها لنفسه، على الأقل الآن.
ما أوردناه حقائق مسكوت عنها…يعرفها تماماً كل من غادر ومن بقي..وتُرك الأمر ” ذريعة جاهزة” لمن يشاء للحديث حيث وحين يلزم..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار