البدائل مفقودة !
لكل منطقة خصوصيتها الجغرافية من حيث الظروف المناخية التي تفرض عليها متطلبات أكثر إلحاحاً من غيرها، هذه حقيقة لابدّ من مراعاتها اليوم و إعادة ترتيب ” داتا” التوزيع الجديدة، بما أن فصل الشتاء على الأبواب بالتزامن مع ندرة شديدة في مادة المحروقات ، فالمتوافر أقل بكثير من المطلوب ، مع وجود سوق سوداء لا ترحم يقودها تجار مال لا هم لهم سوى الكسب ، مقابل بصيص أمل لمواطن يترقب من حكومته أن تجود عليه ببضعة ليترات من المازوت تقيه بعضاً من برد الشتاء ، وخاصة أن التنبؤات المناخية تشير إلى طقس شتوي في غاية الصعوبة ، ومقابل تصريحات مسؤولة لا تحمل الكثير من التفاؤل بتوافر المادة ، لأن المواطن اعتادها وتعايش معها، ومع المتوافر مما يهمه !
إلا أن ترقبنا كمواطنين يضيع في متاهات التصريحات الحكومية مرة بقرب الانتهاء من الأزمة وتوافر المادة ومرة بعكس ذلك ، وبين أحاديث الدعم والمستفيدين منه وحجم المال المنفق عليه والذي لا يصل للمواطن إلا نذره القليل, وهذه مسألة في غاية الخطورة لا تحسمها إلا قرارات مسؤولة ترقى إلى حجم تلك الخطورة.
والأهم توجيه كتلة الدعم نحو مستحقيها بصورة تتوافق مع ارتفاع الأسعار من جهة ، وخصوصية كل منطقة جغرافية من حيث المناخ وقسوته من جهة أخرى ، وإلا فإن مضمون الدعم بمعانيه المختلفة يفقد قيمته وتأثيره الإيجابي على الحياة اليومية للمواطن باعتبار أن حاجته الاستهلاكية مرهونة بالظروف المناخية والتي تشكل عامل ضغط كبيراً على المواطن والحكومة في آن معاً وذلك في المناطق الجغرافية الشديدة البرودة ، إلا أن الخاسر الأكبر في هذه المعادلة هو المواطن لتدني مستوى دخله الذي لا يكفي لسد الحاجة ولو في حدودها الدنيا.
أمام هذا العجز تبدأ رحلة المواطن بالبحث عن البدائل التي لم تعد موجودة بالصورة المطلوبة، وخاصة الكهرباء والغاز واستهلاكهما المختلف، وتواجدهما بالسوق السوداء, والمستفيد الأكبر من هذه الظاهرة تجارها “المغمورون” بحماية نبحث جميعاً في خلفياتها، لكن الوصول لها على ما يبدو شبه مستحيل، لأن حملات الرقابة مستمرة، والمصادرة كبيرة، إلا أن الكميات المسروقة تتضاعف (وحلها إذا بتنحل).
الحل أمام ضعف هذه الإمكانات، وندرة المادة هو إدارة نقص المادة بصورة تسمح بوصول قليلها للمواطن ومنع وصولها للسوق السوداء، لأن المتوافر فيها لو تم ضبطه ومصادرته يكفي لتوزيع 500 ليتر لكل عائلة، وليس 50 ليتراً من المازوت للتدفئة, والحسبة واضحة لا تحتاج لكثير من العناء، بقدر ما هي بحاجة إلى قرارات حكومية جريئة عادلة ومنصفة للمواطن، وليس إلى مزيد من توسيع دائرة السوق السوداء كما يحصل الآن في مادة الخبز، وما أدراك ما خفايا أمورها..!ّ