عندما تتوفر الإرادة!

بات ارتباك وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، ومديرياتها بالمحافظات وأدواتها التنفيذية واضحاً في تحقيق الاستقرار بأسعار المواد والسلع، وتفاوت أسعار الخضار والفاكهة بين سوق وآخر ، لم يعد بحاجة إلى حلقة بحث لاكتشافه، بغض النظر عن كون هذه المحافظة أو تلك مركز إنتاج..
فمن غير المعقول ولا المنطق أن يصل سعر كيلو الخيار مثلاً إلى ٢٥٠٠ ليرة في طرطوس، بينما يباع في دمشق بـ١٣٠٠ ليرة، ومن غير المعقول أيضاً أن يسجل التفاوت الكبير وقد يصل إلى عدة أضعاف في الأسعار، بين محل (دكان) وآخر في السوق نفسه، أي على بعد أمتار عن بعضها.. الفلتان في الأسعار بطرطوس بات سمة بل تهمة بحق الجهات التنفيذية القائمة على المراقبة: تموين، مكتب تنفيذي، ومحافظة أيضاً.. فلتان لا يوحي إلا بالاستهتار بحقوق أبناء المحافظة وحاجاتهم..
قلنا سابقاً أن القرارات المتسرعة من أشخاص غير أكفاء لا تهمهم مصالح المستهلكين بقدر ما تهمهم مصالحهم، هو ما أوصل الحال إلى هذا الغلاء الفاحش والاستهتار الفاحش أيضاً، لا يوجد سلعة تباع في دمشق إلا ويزيد سعرها في طرطوس بنسبة مئة بالمئة على الأقل.. في الظاهر، قد يبدو ذلك مقصوداً، أما في الحقيقة هو حالة استهتار غير بريئة يراد منها مزيد من جني المال الحرام على حساب المستهلك الغلبان..
حتى في ذراع الحكومة وفي تدخلها الإيجابي هناك الكثير مما يجب أن يقال ويعالج فوراً.. مياه السن تنقل إلى دمشق وريف دمشق بينما مياه الفيجة وبقين قد تجدها في حمص وطرطوس واللاذقية وحماة.. تخيل هذه (اللفة) الطويلة والمكلفة.. تبرر وزارة التجارة الداخلية ارتفاع الأسعار بسبب ارتفاع تكاليف النقل.. هل هذا ينطبق على نقل المياه من طرطوس إلى دمشق وريفها لتبرير ارتفاع سعر العبوة سعة ليتر ونصف إلى ٢٥٠٠ ليرة.. أي أبواب للفساد تفتحها السورية للتجارة بدل أن تغلق أبواب فساد وسرقة كانت مفتوحة منذ أزمان!
في قديم الزمان كان هناك قرار تمويني صائب.. كان هناك مندوب تمويني في أسواق الهال يسجل يومياً كميات المواد وأصنافها الموردة إلى كل محافظة تتضمن نوع المادة وكميتها وسعرها ووجهتها واسم المورد.. أي إن فلان قد اشترى ١٠٠ كغ من الملفوف بسعر ٢٠٠ ليرة للكيلو وأرسلها إلى طرطوس ويرسل هذه المعلومات إلى مندوب التموين في أسواق طرطوس.. حينها يكون هناك إخبار لدى تموين طرطوس بسعر الملفوف فيها بعد احتساب الأرباح الحقيقية.. هنا لن يصل سعر كيلو الملفوف إلى خمسمئة ليرة مثلاً.. من أخفى هذا القرار ومن ألغى العمل به؟ لا نعلم.. ما نقتنع به أن تفعيل العمل بهذه الآلية سيحقق الكثير من الاستقرار بأسعار المواد والسلع.. هنا لن نحتاج إلى الحمام الزاجل.. الفاكس وسيلة سريعة وقانونية ومعترف بها قانونياً.. طبعاً إذا توفرت الإرادة!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار