اعتادت جارتي “المنظومة” كلما امتلأت جيوبها ببعض المال، خطف “رجلها” إلى السوق وصرف المعلوم متبعةً سياسة سمّتها “تقنين الترفيه”، لكن لسوء حظها أو ربما حسنه كان بائع الفروج أول من صادفته، فاستفسرت عن الأسعار رغبة في إسعاد قلوب وبطون أطفالها طالما “الجيبة عمرانة”، إلّا أنه بحكم “الجيرة” بادرها بنصيحة “بمحلها” تقضي باستبدال الفروج بجلالة سعره بـ”اللحمة” الأرخص سعراً، فما كان منها إلّا أن “قطعت نزلتها” إلى السوق، مفضلة عدم كسر قواعد نظام بيتها الغذائي تحت ضغط التجار ولعبتهم.
إزاحة الفروج للحوم الحمراء من الصدارة، يشير إلى خلل واضح في معالجة ملف قطاع الدواجن الهام، وجعله يئن تحت وطأة الخسارة مع إنه كان يصنف سابقاً بأنه من أكثر القطاعات إنتاجية، علماً أن أهل الكار رفعوا الصوت عالياً، محذرين من احتمالية الانهيار في حال عدم اتخاذ خطوات جادة للدعم والإنقاذ، ولن ننكر دور الحصار في التأزيم الحاصل في تأمين مستلزمات “التربية” كالأعلاف المستوردة، لكن هل هذا يعني الوقوف مكتوفي الأيدي بلا إنتاج حلول ذاتية، وهنا يجب الإشادة بخطوة التوسع بزراعة الذرة الصفراء لتكون خياراً بديلاً عن الأعلاف المستوردة والتوجه نحو تأمينها محلياً، لكن هذه الخطوة الهامة يفترض أن تقابلها قرارات جريئة تعيد هذا القطاع الحيوي إلى إنتاجيته المعهودة، والبداية تكون بتنظيم واقع هذه المهنة وتقديم دعم مدروس أقله عبر قروض ميسرة وإعفاءات ضريبية كالسابق، مع مساهمة السورية للتجارة في تصريف الإنتاج والتدخل الإيجابي وقت الأزمات وإقامة نقاط بيع بالتشارك مع المربين والقطاع الخاص مع تسيير سيارات جوالة إن اقتضى الأمر وضبط المسالخ التي تتحمل مسؤولية كبيرة في غلاء أسعار الفروج وحرمان عائلات كثيرة من تناوله.
طرح الفروج المجمد، ساهم في كسر حدة ارتفاع الأسعار، لكن للأسف هذا الانخفاض سيكون مؤقتاً، إذا لم تتخذ إجراءات فاعلة تدعم قطاع الدواجن، بالتعاون مع الأطراف كافة بغية إعادة تشغيل كل المداجن بعد تنظيم غير المرخصة، بحيث تتمكن من تغطية احتياجات السوق من البيض واللحوم بأسعار مقبولة، ولن نقول التوجه للتصدير كأيام الرخاء، فهذه خطوة لاحقة مقدور عليها بعد إنقاذ هذا القطاع الاقتصادي وإعادة التوازن المطلوب إلى السوق، وهذا يتحقق عند معاودة المربين إلى الإنتاج وتحصيلهم ربحاً معقولاً من دون تمكين التجار من “شفط دسمه” وإرجاع هذه المادة الأساسية إلى موائد المواطنين بدون ضرب أخماس بأسداس، ومنهم الجارة “الظريفة” المصرّة على نظام غذائها ـ”نصف النباتي” وخاصة أن اللحمة قد تسترجع تصنيفها بأي لحظة… فالسوق دوار وقواعده متغيرة باستمرار.
رحاب الإبراهيم
68 المشاركات