“مزمار الحي لا يطرب”
تتسابق إدارات الأندية الرياضية باختلاف ألعابها للوصول إلى حالة من الريادة والتميز وإثبات الحضور في الساحة الرياضية المحلية الوطنية كمرحلة أولى انطلاقاً للدولية، وكلٌّ يبحث عن ضالته بالطريقة التي يراها تلبي تطلعاته وتحقق ما يصبو إليه ، فالبعض يعتقد أن وجود اللاعبين الرياضيين الجيدين والمميزين في النادي أو الفريق أو المنتخب هو الأساس وعليهم تبنّى الكثير من الآمال، لذلك تراودهم فكرة البحث دائماً عن لاعبين مميزين وذي خبرة حتى لو كانوا أجانب لاستقدامهم بشتى الطرق الممكنة، أما البعض الآخر من الأندية فيرى أن المدرب الناجح و الكفؤ والمتمكن هو الأساس ولا يمكن المساومة عليه، وبوجوده تبنى الأمجاد لهذا الفريق أو ذاك مادام يملك من القدرات والخبرات والإمكانات التدريبية الكثير والتي يمكن أن يسخرها للنهوض بالفريق وتحسين مهارات اللاعبين وصقل مواهبهم وبالتالي دفعهم إلى النجومية ما يرفع من شأنهم ويحقق أحلام ناديهم وإدارته ، وهنا أيضاً نجد أن فكرة وجود المدربين الأجانب مطروحة بقوة وتلقى صدى قوياً وهناك من يعدّها حجر الأساس لكل تطور أو تقدم لهذا النادي وللرياضة بشكل عام.. فالأفكار الدائرة في عقول ومخيلة الأغلبية تذهب إلى تفضيل اللاعب والمدرب الأجنبي على اللاعب والمدرب الوطني.. ما الذي يمتلكه هؤلاء الأجانب ونفتقده في كوادرنا.. وهل تعدّ هذه الفكرة دائمة النجاح وغير قابلة للفشل (التجارب الماضية متباينة النتائج ) أم إن ( مزمار الحي لا يطرب )، طبعاً نحن لا نرفض بالمطلق الاستعانة بالخبرات الرياضية من لاعبين ومدربين و حكام عندما يتطلب الأمر ذلك وعندها لابدّ منه كحل إسعافي يعيد بعض التوازن ويبعدنا عن فشلٍ محتمل ، فالمنتخبات والفرق الرياضية بالنتيجة هي أمانة ولابدّ من أن نجتهد بالبحث لها عن أفضل السبل للنجاح والتطور والتميز بالشكل الذي يلبي طموحها ويثلج صدر أصحابها ويساعد على خلق حالة تنافسية شريفة في الساحة الرياضية. وبالعودة إلى ألف باء الرياضة وتطورها في أي مجتمع نجد أنه لابدّ من وجود الأرضية المناسبة والمناخ الرياضي الملائم الذي يتيح لهذه الشريحة أن تمارس فيه نشاطها وتدريباتها ضمن إطار قانوني مؤسساتي واضح وشفاف وأن يكون التركيز على الخامات الرياضية الوطنية وتوفير البيئة الصحيحة لظهور الإبداعات الرياضية في جميع مكوناتها والإقلال ما أمكن من الاعتماد على العنصر الأجنبي فيها مادام هناك من يستطيع أن يتصدى لهذه المسؤولية لو أتيحت له الفرصة مع قليل من الدعم ، ونحن هنا لا نقنع أنفسنا بمقولة ( زيوان البلد ولا حنطة جلب ) إلّا من باب الوطنية وضرورة الاهتمام الكبير بكوادرنا وإفساح المجال لها للتطور والتقدم بتوفير ما يلزم من دورات صقل واحتكاك بالمدربين والرياضيين ووضع الخطط والمناهج للعناية بالفئات العمرية باعتبارهم أمل المستقبل .