كيس حلو!

قال: في بداية عملي بالتجارة، كنت على صلة وثيقة بأحد التجار الحماصنة.. كان ذلك في بداية تسعينيات القرن الماضي، حينها سمحت الحكومة باستيراد السيارات السياحية الخاصة لفئة من الموظفين في الدولة والمحالين إلى التقاعد، كان سعر السيارة في تلك الأيام خمسة آلاف (أخضر)، وذلك للسيارة ذات المواصفات العادية.. وإذا ما أراد المكتتب الحصول على سيارة أوتوماتيك وبلور كهرباء.. إلخ؛ فإن السعر يرتفع الى سبعة آلاف، ويقول: هذا التفاوت بالأسعار خلق فرصاً (ذهبية) للتلاعب، وهذا تأتى من خلال خبرة صاحبنا.. وظهر ذلك من خلال انكشاف الأمر حيث أحيل موظفان يعملان سراً لمصلحة هذا التاجر إلى التحقيق، وهما من أعمدة تنفيذ المخالفة.. سمع التاجر بذلك فما كان منه إلّا أن حمل خمسة ملايين ليرة في كيس مكتوب عليه حلويات (…) ودخل إلى مكتب المدير ووضع الكيس على المكتب.. كان ذلك قبل ربع ساعة من نهاية الدوام الرسمي.. سأل المدير ما هذا؟، قال التاجر خمسة ملايين ليرة مقابل العفو عن الموظفين وتبرئتهم، ونسيان الموضوع كاملاً.. قال المدير: لا أقبل.. حينها قال التاجر: سأعود في نهاية الدوام فإن أخذت المبلغ فهو حلال لك.. قال المدير: وإذا لم آخذه ماذا سيحصل؟ قال التاجر: سآخذ منه مليوناً لي وأعطي زوجتي نصف مليون وابني نصف مليون وابنتي نصف مليون أخرى.. أي مليونان ونصف المليون.. سأل المدير: والمبلغ الباقي ماذا ستفعل به؟ قال التاجر: سآخذه إلى العاصمة وأشتري به قرار إبعادك عن إدارة هذه الدائرة.. وخرج..! يتابع صديقنا: بعد (فتلة) لمدة ربع ساعة، طلب مني التاجر أن أراجع مكتب المدير واستطلع الأمر.. فعلاً، دخلت إلى الدائرة وسألت عن المدير، قالوا لي إنه خرج.. وعندما سألت: ماذا حمل معه؟ قالوا: حقيبته وكيس الحلويات الذي جلبتوه معكم.. عدت إلى صديقنا وأخبرته بأن المدير غير موجود، وأنه أخذ معه حقيبته وكيس الحلو.. ضحك صاحبنا كثيراً وهو يقول: اصعد لقد (ظبط) صديقنا.. يقول صديقنا، سألت التاجر: أليست هذه رشوة إذاً، ماذا عن الراشي والمرتشي والرائش بينهما؟ قال: في تلك الأيام لم تكن هناك مديريات للجمارك في دول العالم ولا وزارة للمالية وبالتالي لا استعلام ضريبياً ولا غيره.. لا وزارات لحماية المستهلك.. ولا دوريات تموين أو رقابة تموينية.. ولا هم يحزنون، طبعاً لن نسمي تلك الدائرة أو المديرية الفرعية هي بين قوسين (…) يمكنك كتابة الاسم الذي يخطر في بالك والذي يشرف على عمليات كهذه.. بقي أن نشير إلى أن صديقنا، وفي معرض ذكر الدروس التي أفاد منها من العمل مع هذا التاجر، أنه نصحه يوماً ألّا يسهم في إدخال مواد تشكل خطراً على حياة الناس، أولها عدم التعامل مع المواد الغذائية الفاسدة فاقدة الصلاحية لأنها قد تؤدي إلى تسمم الناس، أو لا قدر الله وفاتهم، وعدم استيراد الحديد المغشوش لأنه سيستخدم في بناء بيوت قد تنهار على رؤوس ساكنيها.. هل رأيتم كم هو حنون صاحب كيس الحلو؟!..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
في ذكرى تأسيس وزارة الثقافة الـ 66.. انطلاق أيام الثقافة السورية "الثقافة رسالة حياة" على سيرة إعفاء مدير عام الكابلات... حكايا فساد مريرة في قطاع «خصوصي» لا عام ولا خاص تعزيز ثقافة الشكوى وإلغاء عقوبة السجن ورفع الغرامات المالية.. أبرز مداخلات الجلسة الثانية من جلسات الحوار حول تعديل قانون حماية المستهلك في حماة شكلت لجنة لاقتراح إطار تمويلي مناسب... ورشة تمويل المشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة تصدر توصياتها السفير آلا: سورية تؤكد دعمها للعراق الشقيق ورفضها مزاعم كيان الاحتلال الإسرائيلي لشنّ عدوان عليه سورية تؤكد أن النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية سيأخذ العالم إلى خطر اندلاع حرب نووية يدفع ثمنها الجميع مناقشة تعديل قانون الشركات في الجلسة الحوارية الثانية في حمص إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه ‏الملاحة البحرية.. بسبب سوء الأحوال الجوية صباغ يلتقي بيدرسون والمباحثات تتناول الأوضاع في المنطقة والتسهيلات المقدمة للوافدين من لبنان توصيات بتبسيط إجراءات تأسيس الشركات وتفعيل نافذة الاستثمار في الحوار التمويني بدرعا