أهون الشرين..!

لم يعد الفساد محصوراً في مجال محدد أو مكان بعينه، أو ربطه بشخص ما، ولم تعد هذه الثقافة محصورة بهذه الفئة أو تلك، ولا حتى بدولة دون الأخرى، لأن الفساد ذو وجوه مختلفة ومتشعبة في كافة مفاصل الحياة اليومية للمواطن، مادامت حسابات المادة طغت في المعاملة الإنسانية على كل شيء، فكل إجراء أو تصرف أصبح يقاس بمدى الفائدة والعائد المادي رغم اختلاف طبيعة الشعوب، وحتى الأفراد، وهذه مسألة أصبحت في غاية الخطورة ، ومازلنا نعانيها أفراداً و شعوباً، وما نعانيه اليوم نحن في بلدنا من صور فاسدة، ومفسدين كثر هو خير دليل، وهذه صورة يمكن إسقاطها على واقع أي شعب يعاني تبعات حرب طالت البشر والحجر، وغرست الكثير من أساليب الفساد، هي موجودة في السابق، لكن لم تطفُ على السطح بصورتها الحالية، وخاصة فيما يتعلق بفساد المال، والأكثر خصوصية المال العام..!

وهنا الأسباب كثيرة منها ما يتعلق بفساد المال العام، وحالات السرقة التي تظهر في بعض الصفقات والعقود، وعمليات الشراء التي يقودها البعض من لجان الشراء المختصة بتأمين مستلزمات القطاع العام وغيرها، وأخرى يقودها أشخاص يتمتعون بالحنكة والدراية في مفاصل العمل، والدخول إلى الإجراءات وشكلياتها وتعقيداتها التي توفر بيئة مناسبة لفساد من نوع آخر، بكل تأكيد يفضي إلى فساد يترجم بالنهاية مالاً وتكوين الثروة بطرق غير مشروعة!.

وكل ذلك لا يظهر في مجال محدد، أو مكان بعينه، بل له صور مختلفة، لكن أخطرها على الإطلاق الفساد الذي يظهر في بعض مفاصل العمل المؤسساتي وإجراءاته اليومية، والتي تشكل مورداً رئيساً لخزينة الدولة، وخاصة التكليف الضريبي الذي يطول المنشآت الصناعية والخدمية والسياحية وغيرها، وما ينتج عنها من أساليب ملتوية في طرق التحصيل وضياع المليارات من الليرات سنوياً نتيجة التهرب ودخول أسباب المصلحة الشخصية وتفضيلها على العامة، عن طريق ضعاف النفوس من بعض المكلفين ومن يقدم لهم المشورة والتفسير وحسابات التلاعب والفهم بثغرات القوانين والمقبوضة قيمتها سلفاً!.

ونحن هنا لا نخص جهة بعينها، لنحمّلها تبعات هذا الفساد، بل هي صورة طبق الأصل، وهذا الأصل موجود في كل مكان، ولا يختلف عنه سواء بطبيعة الأشخاص، واختلاف المواقع وحجم صور الأصل فهناك من يرضى بالقليل، وهؤلاء قلة, (ولا نبرر لهم) لكنهم أهون الشرين، وهناك من لا يرضى بمكاسب فسادهم وتخمة بطونهم، بل هل هناك من مزيد..! حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه من فساد طال الكثير من مقومات حياتنا اليومية، وإثبات ذلك لا يحتاج كثيراً من الأدلة، فكل مفاصل معيشتنا تظهر ذلك..

Issa.samy68@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
(وثيقة وطن) تكرم الفائزين بجوائز مسابقة "هذه حكايتي" لعام 2024..  د. شعبان: هدفنا الوصول لحكايا الناس وأرشفة القصص بذاكرة تحمل وطناً بأكمله معلا يتفقد أعمال تنفيذ ملعب البانوراما في درعا ويقترح تأجيل الافتتاح بسبب تأثر المواد اللاصقة بالأمطار الوزير الخطيب: القانون رقم 30 يهدف إلى حماية بنية الاتصالات من التعديات الوزير صباغ: إمعان الاحتلال في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني يعبر عن سياسات إرهابية متجذرة لديه الجلالي يبحث مع أعضاء المجلس الأعلى للرقابة المالية صعوبات العمل ووضع حد لأي تجاوزات قد تحدث طلاب المعهد الصناعي الأول بدمشق يركّبون منظومة الطاقة الشمسية لمديرية التعليم المهني والتقني أجواء الحسكة.. عجاج فأمطار الأضرار طفيفة والمؤسسات الصحية بجهوزية تامة لمعالجة تداعيات العجاج انطلاق فعاليات أيام الثقافة السورية في حلب بمعرض للكتاب يضم ألف عنوان أين وصلت عمليات الترميم والتأهيل لمتحف معرة النعمان وماذا عن متحف حماة وقلعتها؟ بسبب العاصفة.. أضرار مختلفة في الشبكة الكهربائية باللاذقية