ندّية لا مُلْكية!

ليس غريباً أن نسمع عن حوادث تتعرض فيها النساء لأقصى درجة من التعنيف، فهن قد سحب البساط من تحت أقدامهن من قرون عديدة منذ أن تحوّل المجتمع من أمومي إلى ذكوري، ومنذ أن استطاع الرجل أن يروّض الحصان ويحوله في خطوة تالية من أداة جر ونقل إلى أداة حرب.

وهذا يعني نهوض الملكية وبدء دورها في عملية الإنتاج، والحصان -في رأي الناقد حنا عبود- لم يجلب للذكر السيادة على الأنثى فقط، وإنما أنشئ له فيما بعد، كأداة للغزو، وإقامة الإمبراطوريات الواسعة.

ومنذ ذلك الوقت وهو يعتبر المرأة من ضمن ممتلكاته، فمن الطبيعي أن تلقى كل العنف منه، الذي يصل أحياناً إلى درجة القتل كما حصل منذ أيام معدودة إذ قتل شاب الفتاة التي يحبها لأنها رفضته، في جامعة مصرية، ولم تمض أيام أخرى حتى تداولنا خبر قتل شاب آخر لفتاة في جامعة أردنية لأنها رفضت الارتباط به أيضاً.

وهي حوادث قد تبدو غريبة، بما أنها قليلة الحدوث، لكن ماذا عن بقية أنواع التعنيف وفي كل المجتمعات!. ففضيلة وسائل التواصل الاجتماعي أنها لم تعد تسمح بالتعتيم على أي انتهاكات ضد المرأة. وهي حوادث يروي بعضها الناس لتأكيد وجودها بيننا أيضاً، فقد روى لي صديق أن مثل تلك الحادثة جرت في حمص ومنذ أكثر من خمسين عاماً، وإن لم تؤدِّ لموت الفتاة، وأن تلك الحادثة حملت مفارقة لهم، إذ كان لها الفضل في حصول أسرته على سكن جديد وجيد، وبالأجرة طبعاً. أمّا كيف؟ فمضى يقول إن صاحب البيت كان قد اضطر بسبب ابنه الشاب الأهوج، لبيع البيت بحكم قضائي بعد أن أقدم ابنه على ضرب فتاة من الحيّ ذاته حيث يقطنان، بسكين في وجهها فشوّهها حتى لا ترتبط بغيره لأنها رفضته، ما اعتبرته المحكمة شروعاً في القتل، فسجن الشاب فترة وأجبرت الأسرة على بيع المنزل ومغادرة الحي.

فلعلنا لا نتفاءل كثيراً بأن مثل هذه الجرائم سيقل عددها طالما لم تسن بعد أي قوانين تردع الذكر المتوحش القابع فينا من ارتكابها، وقبل أن تتغير بنية مجتمعاتنا العربية القائمة على الملكية والشره المادي، التي لا تعتبر المرأة شريكاً روحياً ونداً معنوياً للرجل، وتكريس ذلك عبر مؤسسات التربية والتعليم.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار