بالزي “الفلكلوري” أبو عبدو الصعب أشهر بائع قهوة متجول في حلب

مصطفى رستم

تسبقه رائحة القهوة العربية بمذاقها الفريد، بينما لا يفارق وجهه ابتسامة ترتسم على محياه، زارعاً بأرجاء الأمكنة التي تصلها قدماه الفرح بين الناس، “أبو عبدو الصعب ” أشهر بائع قهوة متجول بين جنبات مدينته القديمة وقلعتها تحول بالمصادفة إلى بائع قهوة بعدما عمل بحرفة الخياطة لعقود من الزمن.

لن تستغرق وقتاً طويلاً بالعثور عليه، بسهولة سيدلك زيه الفلكلوري التراثي متوجاً إياه بطربوش أحمر، وممسكاً بـ ” دلة ” قهوة فضية اللون، أو سيقودك صوته الشجي مخترقاً مسامع المارة في شارع قبالة خان الشونة المتوضع بالقرب من باب القلعة الحصين، مطلقاً كماً من الموشحات والقدود الحلبية من عقال حنجرته.

بائع القهوة المتجول “الصعب” بات رقماً صعباً في حسابات الشخصيات التراثية بالمدينة، هو عاشق لأوابدها وتراثها وحضارتها وثقافتها، بل بات حاملاً لها بزيه وصوته، متخطياً حدود محيط القلعة ومشاركاً أهل المدينة بأبرز الفعاليات والمناسبات (ساقياً العطاش) من قهوة يصنعها كل يوم في بيته على الطريقة العربية المعهودة، ويبدأ عمله في وقت الظهيرة حتى المساء.

“تشرين” رافقت البائع “الصعب” بيوم عمله، لقد سمعنا منه كماً من الموشحات، يمتلك مخزوناً من الأغاني اكتسبه من والده بينما ابنته الصغيرة تمتلك هذا النصيب من الموهبة كما يقول، ويروي لنا حكايته مع فنجان قهوته العربي بعد تحوله بالمصادفة إلى عمل وحرفة ومصدر رزق، ففي العام 2017 وبعد عودة الحياة إلى المدينة القديمة، أراد أن يعمل ويعيل أسرته بعدما ذاق مرارة الحرب، فالمعارك الطاحنة وجور الحصار قد أفقداه ورشة الخياط التي يمتلكها وهو يقطن في باب النيرب أردف:

“مع أولى أيام انتصار الجيش العربي السوري ودخوله لقلعة حلب دهمني شوق لرؤية القلعة، وأنا منكسر الخاطر فلا عمل لدي وحالتي لا تسرّ، لكن فرحتي برؤية حجارتها كان لا يقدر بثمن، مع ذلك لمعة فكرة برأسي كانت كبارقة أمل، بأن أعمل بائع قهوة خاصة أنني تعلمت صناعتها من والدي وهو يصنعها بالطريقة التقليدية القديمة، ذات مذاق لا يضاهى، وخاصة أنني أساعد الأقارب والأصدقاء طوعاً بالأعراس ومناسباتهم الاجتماعية بصناعة القهوة، عدا عن كون مقهى القلعة كان مدمراً في ذلك الوقت، لقد شاهدت بعيني الناس تقبّل الحجارة بعد عودتهم لمشاهدتها، وكانوا يطلبون القهوة بشدة”.يتابع البائع الأشهر للقهوة بالمدينة، سرد قصته مع دلّة فضية اللون باتت أمله الوحيد بكسب لقمة العيش، ليخطر في باله فكرة أكثر إثارة وهي البيع في محيط القلعة بلباس مستوحى من تراث المدينة، ولا سيما أن لديه كماً من الأزياء واسعة الطيف لأشكال وأصناف متعددة من شراويل وأقنعة ومآزر وجلابيب، علاوة على سبحات وخواتم من الأحجار الكريمة والتي أضفت لمسة لـ “اكسسوار” غاية بالدهشة، جعلت المارة والزائرين لقلعة الشهباء التوقف عنده، وتذوق قهوته.

بالمقابل أبدى مصمم الأزياء، رامي سكر إعجابه بطريقة لباس البائع المتجول واختياره للألوان وتناسقها، وأضاف: “شاهدت أثناء زيارتي لقلعة حلب بلقاء هذا الرجل إنه يمتلك حس الفكاهة، وترحيباً بالضيوف بشكل تستطيع أن تجزم أنك بين أهلك.

وتقول عنه إحدى السيدات كوثر ديبو: “في كل زيارة لقلعة حلب، أبحث عن “أبو عبدو” لتذوق قهوته والاستماع إلى صوته، إنه يذكرنا بالزمن الجميل”.

ت: صهيب عمراية

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار