مسؤولية الأهل والمجتمع في تأهيل وإدماج المصابين “بمتلازمة داون”
تشرين:
يواجه المصابون بالتوحد ، أو متلازمة داون ، أو كلاهما صعوبات كثيرة في الحياة أو الحصول على فرصة عمل أو حتى من خلال نظرة المجتمع إليهم ، وكلما كانت الاستجابة سريعة من الأسرة والمجتمع كان بالإمكان إشراك هؤلاء الأشخاص في المجتمع لتمكينهم ولتحقيق ذاتهم.
الاهتمام المجتمعي بهذه الشريحة، سوف ينعكس عليهم بشكل إيجابي ، ومن هذا المنطلق فقد استقطبت تجربة فتاتين يافعتين “نور خير الدين” 18 عاماً، و”حنين الشعراني”19 عاماً، المصابتين “بمتلازمة داون” بافتتاحهما صالوناً نسائياً في مدينة السويداء، اهتماماً خاصاً من قبل المجتمع المحلي.
تقول أم الفتاة نور وهيب خير الدين :” ابنتي لديها طاقة إيجابية كبيرة في البيت ، تهتم بالترتيب، وتشيع جواً من المحبة لدرجة نعدّها بركة البيت ، وهي تحظى برعاية ومحبة واهتمام الأسرة كلها ” وأضافت :” نور تحب الدراسة والعمل، لكن وضعها الصحي لا يساعدها كثيراً على هذا ، ومع ذلك تجد لديها إصراراً كبيراً على العمل والخروج إلى الحياة ، وقد شاركت في منافسات رياضة البوتشي على مستوى سورية ، وتطالب خير الدين بدعم أكبر لذوي الاحتياجات الخاصة .
من جانبها تقول السيدة خزامى مشهور أبو عسلي:” ابنتي حنين متعاونة، تحب عملها، تواظب عليه ، لاحظنا ذلك بوضوح ،” مشيرة إلى أن “حنين” مشاركة أيضاً في الأولمبياد السوري الخاص ، ونافست في بطولة البولينغ والبوتشي في دولة الإمارات، وفازت بالبولينغ على مستوى 48 دولة ..” وشكرت أبو عسلي كل الذين وقفوا وآمنوا بقدرة ابنتها في الرياضة والعمل.
ليس من قبيل مصادفة تواجد العديد من المتطوعين والأهل في مقر النادي – بيت الجميع – كما يقولون ، تملؤه الألفة والمحبة ، ولعلّه يحمل من صفات أصحاب متلازمة الحب .
يقول أحد المتطوعين :” كل منّا يستطيع أن يقدم شيئاً، لدينا مدرسو رسم وموسيقا ولغات ، وأطباء ، ليس كل ما نحتاجه أو يحتاجه الآخرون هو مادي، فهذه المجموعة من الأطفال في هذا الوقت ، تُركت مع عائلاتها تعاني الوحدة ، إلى جانب الظروف القاسية التي فرضتها الحرب، لذلك تحتاج دعماً واهتماماً، وهذا مسؤولية الجميع .” .
وتقول سيدة أخرى، ليس من السهل إدماج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع ، وتعزيز القناعة بضرورة التعاطي معهم ، بعيداً عن القيود والعقبات غير المبررة والتي لا تستند إلى رؤى صحيحة .
يذكر أن الفتاتين قد افتتحتا بمساعدة أهلية صالون حلاقة نسائية في السويداء ، وقد جاءت هذه الخطوة ، بعد أن اتبعت اليافعتان ، دورة تأهيل مكثفة لستة أشهر، بالتجميل والكوفيرا، نظمها معهد التأهيل والتدريب، التابع لمديرية الشؤون الاجتماعية والعمل” في السويداء .
مؤسسة نادي الفرح “اعتماد العقباني”التي احتضنت الفتاتين، وقامت في سياق مبادراتها الخيرية وبمساعدة من الخيرين تقول: ” إن هذا العمل ، ثمرة تعاون وتضافر جهود المؤسسات الاجتماعية ، والروحية، وعائلة النادي من المتطوعين، وهو مقدمة لاكتشاف ميول ومواهب أطفال النادي وتشجيعها.
وقالت : ” الخير موجود بيننا، ومغطى بقشة”، و أضافت :” أطفال داون “محبون، ينصتون لك جيداً، مليئون بالطاقة الإيجابية، وبالحب.. التواصل سهل معهم ولا مشاكل يمكن ذكرها، الوصفة هي الصبر .” وبخصوص عملها مع الفتاتين في الصالون تقول :” ما إن تبدأ ، حتى تجد حولك عدداً كبيراً من المتطوعين في مجالات الحياة المختلفة ، الكل يعرض خدماته من دون مقابل.” يذكر أن النادي انطلق قبل عام ، يضم 30 طفلاً من متلازمة الحب ، يجمعهم النادي عبر أنشطة مختلفة ( رسم وموسيقا ونشاطات اجتماعية وترفيهية )، مشددة على أهمية مشروع صالون الحلاقة ، كخطوة تعكس إيمان الكثيرين بقدرة هؤلاء الأطفال على العيش والعمل.
وقد أنشأت العقباني مركزها ، بمبادرة ذاتية ومجهود فردي ، للعناية بالأطفال واليافعين المصابين بـ”متلازمة داون”، وأطلقت عليه “نادي الفرح لمتلازمة الحب”. واستقطب النادي متطوعين كثراً ، وتحول إلى بيت الكل ، ما مكّنه من القيام بنشاطات واحتفاليات ورحلات ترفيهية مجانية على مدار العام ، إضافة إلى جلسات تعليمية للنطق والقراءة وأخرى فنية ورياضية و جلسات تأهيل للأمهات حول أساليب وكيفية التعامل مع الأبناء
القناعة بقدرة هؤلاء الاشخاص.
بدورها المدربة رندا عريج من مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل تقول: تم قبول نور وحنين ، بعد اختبار مهني ، مدة الدورة عام كامل، وقد وجدنا أن الشابتين لديهما الرغبة والقدرة.
وأضافت : “في البداية وجدنا صعوبة ، لكن بالصبر والمتابعة ، وحبهم للتعلم ، تم تجاوز العقبات والوصول إلى اتقان أعمال مثل القص والسيشوار والليس والفير والصبغة.
” كان لدي ثقة كبيرة في قدرتهم على التعلم ، وتالياً أن يتقنوا عملهم ،و يكونوا أشخاصاً فاعلين :” وختمت بالإشارة إلى أن نجاح هؤلاء الفتيات يجسد إيمان الجميع بضرورة التعاطي مع أصحاب هذه الاحتياجات، بعيداً عن النظرة النمطية القاصرة .
ت: سفيان المفرج