“أوفيليا” شكسبير.. طفلةُ الزهور الغارقة!
حنان علي
فراشةٌ بعمر السنتين ونصف السنة حائمة بمرحٍ حول أزهار البحيرة الواقعةِ في بلدة سترانفورد آفون على بعد عشرين كيلومتراً من منزل شكسبير، الطفلة التي سحلتها المياه على غفلة لأعماقها مع باقة ورودها الندية، هل كانت ملهمة الكاتب المسرحي لبناء شخصية “أوفيليا” في مسرحيته هاملت؟
أبحاثٌ أكاديمية
بعد التقصّي في السجلات الخاصة بالحوادث في القرن السادس عشر في انكلترا، اكتشف أكاديميون في جامعة إكسفورد مصدر الإلهام المحتمل لبطلة شكسبير المأسوية “أوفيليا”، إذ عثر الدكتور المؤرخ ستيفن غان رئيس قسم التاريخ في الجامعة الإنكليزية على تقرير وفاة عائدٍ لعام 1569 لطفلة تدعى “جين شكسبير” ! وتشير تقارير الطب الشرعي المتعلقة بالوفاة في ذلك الوقت إلى أن أكثر من تسعة آلاف حالة وفاة غرقاً كان نصفها لنساءٍ خاطرن بحياتهن لقطف الأزهار بغية صناعة الأصبغة أثناء تعبئتهن دلاء الماء ، وفي هذه الحالة تمسي النظرية الخاصة بـ (جين) ملهمة شكسبير لمحبوبة هاملت منطقية جداً!
في سياقٍ مماثل، تشير الدكتورة إيما سميث من جامعة إكسفورد البريطانية: “حتى في ظلِّ غيابِ أي صلة بين” جين شكسبير” و “أوفيليا” لكن صدى الأحداث يؤكد أن القصة عالقة في ذهن الكاتب المسرحي” و تضيف مردفة بالقول: “ما الفكرة سوى تذكير بالسماتِ المميزة لمسرحيات شكسبير، الممتدة جذورها إلى القيل والقال، الدنيوية والتفاصيل الداخلية للحياة اليومية، لتحتوي بين ثناياها مصادر أدبية شاهدة على العصر”. من جهة ثانية، تعد الأبحاث المتعلقة بهذا الموضوع جزءاً من مشروع استغرق أربع سنوات موّله المجلس الاقتصادي و الاجتماعي للبحوث في بريطانيا وصولاً لهذا الاحتمال الأقرب للمنطق!
شخصيات حيّة
شكسبير الذي تناول الأحداث عبر رسمه للحبكة وإعطائه الشخصيات الفنية سمات الشخصيات الحية لتصبح قريبةً من الواقع ومألوفة للجمهور يجعل من الطفلة جين أكثر إلهاماً لشخصية (أوفيليا) ابنة وزير القصر، محبوبة هاملت – الملاك الذي قتلته البراءة والمثالية والعجزُ عن استيعاب ما تحمله الحياة من شرور – إنّ قصة “جين” ببراءة طفولتها مع أسباب وفاتها تمثل ترابطاً حقيقياً مع حكاية غرق “أوفيليا” أثناء قطفها الأزهار. لعله من المثير للاهتمام أن نفكر في “أوفيليا” كشخصية جمعت بين الأحداث الكلاسيكية وأحداث عصر النهضة جنباً إلى جنب مع مأساةٍ محليةٍ لطفلةٍ بريئةٍ قضت غرقاً إبان جمعها الأزهار!