“هاتشيكو” – لمن لم يحضر فيلم (حكاية كلب) أو لم يقرأ عنه وعن وفائه على صفحات التواصل الاجتماعي- هو كلب لمواطن ياباني حظيت قصته بإنتاج سينمائي أمريكي وياباني، وقصته تدور حول علاقة هاتشي بمربيه الذي اعتاد أن يوصله لمحطة القطار يومياً وينتظره ما يقارب عشر ساعات حتى يعود من عمله، وذات واقعة أودت بحياة صاحب الكلب في مقر عمله جعلت من هاتشي منتظراً صاحبه على رصيف المحطة سنوات حتى فارق الحياة.
الفيلم عن قصة حقيقية ، وأعترف أن نص الفيلم وموسيقاه التصويرية وإبداع أبطاله والكلب، كل هذا جعلني أشهق بالبكاء على ممثلي المفضل” ريتشارد غير” وتفاصيل وفاء كلب أفنى عمره منتظراً على رصيف الأمل وعدم الخيار.
إلى أن سمعت قصة عجوز ضيعتنا وكلبتها “مربوحة” التي ربتها سنوات، وكان مأواها لوح توتيا مسنوداً على قن الدجاج، وطعامها خبز مبلل بالحليب وأغلب الأحيان بالماء، عجوز ضيعتنا كانت لها أخت متزوجة في قرية مجاورة تبعد عن قريتنا بضعة كيلومترات، وقد طلبت من أختها أن تعطيها “مربوحة” وجروها الذي ستلده بعد أيام لحراسة الدار والأغنام، وتم بين الأختين تنفيذ الاتفاق وصار قيد مربوحة إسطبلاً جديداً جداره قليل الارتفاع، وما إن وضعت جروها ومر أسبوع بالحد والتمام حتى عادت راكضةً الكيلومترات الطويلة بعناء المسير والحفر وأشواك الطريق وطرقت رأسها أمام باب الدار القديم لها و وراحت تصدر النباح، حتى تخرج صاحبتها القديمة وتأكل من يديها بقايا طعام الدجاج،وتبقى عندها حتى طلوع الفجر لتعود لاهثةً إلى جروها الصغير ترضعه وتبقى معه حتى المساء.
“مربوحة ” بقيت على هذا المنوال تركض مابين القريتين صبحاً ومساء حتى صار جروها قادراً على فعل الوفاء والركض خلف أمه راجعاً للدار الأولى ومجالسة من ربى والدته أعواماً.
مابين “مربوحة” و”هاتشي” فوارق عدة تخطت الشكل والملامح ونوع الطعام ودلال المأوى والكرة المطاطية التي اعتاد هاتشي جلبها لصاحبه ساعة لعب ورواق، فكان الأهمّ من كل ذلك هو الشهرة التي حصل عليها الكلب الأجنبي وتم تصديرها للعالم بشاشة سينما ومقالات.
مابين “مربوحة” و”هاتشي” الوفاء واحدٌ، حتى إن تفاصيل حكاية العجوز وكلبتها تصلح لتكون قصةً إنسانية مؤثرة تضاهي قصة “هاتشي” وأكثر بتكريس قيم الوفاء، لكن الكلب الأجنبي حظوظ قصته وقعت بين من يتقن إرسال الرسائل وتكريس الفن خادماً ووسيطاً، يصدر أصحابه الصور المناسبة والأفكار والقيم بقالب يناسب سياستهم العامة والخاصة ويطوع وسائله الشتى لتكون دعائية بامتياز.. أما “مربوحة” وصاحبتها فعليها وعلى رسائلها السلام.