سمر سامي.. العصاميّة المكتملة بين الفن والإنسانية
حنان علي:
تقاسمت الفقر مع عائلة أمها، مراهقة يتيمة استهلت باكورة سنواتها كمغنية للعمالقة حتى عثر عليها المخرج فردوس أتاسي ليرسم للصغيرة حلماً من (أحلام منتصف الليل).”هل تمثّلين؟” لا أعرف التمثيل، لكنّي أودّ التجريب”.”لنجرب إذاً” .
إنها الفنانة سمر سامي سيدة الإبداع، صاحبة الموهبة الفنية والثقافة والقدرة على أداء مختلف الشخصيات، المؤْثِرة اعتزال الضوضاء والزيف، المتأملة بالحياة المتعمقة بجوهرها. المختارة لحياةٍ بسيطةٍ متواضعة، العاشقة لفلسفة غاندي الروحية التي تراها “السبيل الوحيد للبشرية للخروج من أزماتها”.
دربٌ شائك
لم تدرس الفنانة سمر سامي التمثيل أكاديمياً؛ فالقسوة التي مارستها عليها معلمتها أجبرتها على ترك المدرسة منذ المرحلة الابتدائية، لتعيش سامي في عزلة عن الآخرين، مكتفية بالملكوت الذي صورته الكتب التي أدمنت قراءتها. اختطفها الفن بداية كمطربةٍ شابة، ليقدّمها للشاشة بعد أربع سنوات بأول أدوارها التمثيلية بعمر السبعة عشر عاماً. أدّت الكثير من الأدوار في مختلف ميادين الدراما و لعبت أدواراً جريئة بالموازاة مع محطات شكلت اختبارات حقيقية لطاقاتها كفنّانة عصامية . سمر سامي التي تعدّ التمثيل مهنة الموهبة الحقّة والأمانة بالأداء، حظيت ببطولات لأدوار الخير والشر كأم وابنة وكنة و أرملة ووالدة مستهترة. فكانت (روعة) في (غضب الصحراء)، و(حليمة) في (هجرة القلوب إلى القلوب)، (مها) في (جريمة في الذاكرة)، و(الزهراء) في (الزير سالم)، الكاتبة (عبلة) في (ذكريات الزمن القادم)، و(أم عمر) في (أحلام كبيرة). لتطل الفنانة القديرة سمر سامي في الموسم الرمضاني لهذه السنة في مسلسل (على قيد الحب) بشخصية “علياء” كساكنة جديدة في المبنى بجعبتها الكثير من الأسرار.
ولم تتوانَ سامي عن دخول السينما من بوابتها الواسعة مشاركة في “بقايا صور” و”حب للحياة” و”أمطار صيفية” و”الكومبارس” و”جليلة” و”الترحال” و”جمال عبد الناصر” و”مطر أيلول”. لتنقش فنانتنا في ذاكرة الأجيال أكثر من مئة شخصية إبداعية شكلت درجات صعودها نحو الألق.
جوائز و تكريمات
“لم أذهب إلى باريس، بل أتتني الجائزة إلى بيتي” هذا ما علقت به الفنانة سمر سامي حين حصلت على جائزة أفضل ممثِلة عن دورها في فيلم “الكومبارس” في “بينالي السينما العربية الثاني” في باريس 1994. ليدعوها لبنان مكرّماً بعد أربعة عشر عاماً عن دورها في مسلسل (ذكريات الزمن القادم)، لتنال فيما بعد جائزة أفضل ممثلة عن دورها بأحلام كبيرة في أدونيا 2004، ألحقتها بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في (سحابة صيف) في جوائز المسلسلات بعد سنوات خمس. كرمت في العام نفسه مع النجم بسام كوسا من قبل منتدى «كنفاني».
يد بيضاء
سمر سامي ليست فنانة وحسب بل روح صافية تتسم بالإنسانية تقطن في بيتٍ متواضعٍ يشبهها، جعلت منه صومعة لتأملها ومأوى لبعض الأسر النازحة عن مدينتها حمص خلال الحرب على سورية. أسرّت بإحدى مقابلاتها بالقول: (أن تضع نفسك أمام الجائع والمحتاج والمريض، ليس تعاطفاً! وهو ليس بواجب! إنه عمل طبيعي بدهي: أن تأخذ حاجتك وتكون جسراً وعبوراً لحاجات الآخرين).