قلةٌ قليلة من الموظفين لم تقم بتفعيل ورقة الجوكر (سلفة على الراتب) لفتح أبواب الشِّدة بكسر الشين والتخفيف من مصاعب الحياة وهموم العائلة، ما أمكن، وما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.
“سلفة” صارت اليوم تشبه سيارات الأجرة(العمومية) تجمع أغلبية الموظفين، تشرح صدورهم المشحونة بفعل الأقساط والفواتير، وتيّسر أمورهم الآنية عربون راتب مضمون يفي بتسديد الدين شهوراً.
ومن الطبيعي عموميتها، مادامت أحوال الموظفين متشابهةً حد القصّ واللصق من دون أيّ فروق تذكر، حتى إنها علامة إيجابية تشي بأن الموظف الذي في سجله الخدمي (سلفة!) نزيه وشريف، ويستعين براتبه على تلبية متطلباته وحوائج منزله من غاز ومازوت ومعاينة دكتور وجامعات ومدارس وبقالية..!!
وتعد السلفة من الناحية القانونية (ديناً) ويسمى من يأخذها (مديوناً) أما المسلف فاسمه (الدائن) أما في المعجم فلها الكثير من الدلالات والمعاني وأبلغها ما جاء في المعجم الوسيط: “قليل من الطعام يتناوله الجائع قبل الغداء”
وعلى سيرة الجائع، جديد جديد السلف، سلفة على الفساد، وهي قيمة مادية متفق عليها مابين المديون(الفاسد) ومابين الدائن الذي هو المفسد أو “محراك الشر” على “قولة ستي”، وهذه القيمة تؤخذ كحركة استباقية من المفسد والضمان خدمة وحاجة مستقبلية، وإلى ذلك الحين لابدّ من إسكات بطن الجائع أخلاقياً بسلفة مقبلات ضرورية لفتح شهية التجاوزات والمخالفات وعدم المسؤولية ماقبل “التشمير” لنهش الوليمة بأريحية.
“سلفة” على الفساد أولى سلبياتها أنها تتشارك مع “سلفة” الراتب في صفة العمومية، أما أهمّ إيجابياتها فإنها تقلل من استخدام “سلفة الراتب التي تصير حكراً لمستحقيها من النزيهين والشرفاء وأصحاب الأقلام البيضاء، لكون الفاسدين صاروا من أصحاب “الكروش” ولاتكفيهم صكوك ذوي الدخل المحدود.
لذلك، ومن دون أيّ مناسبة، هنيئاً لكل أمّ أنجبت موظفاً (مديوناً) استلف على راتبه ليحقق شروط الاحتفاء بيوم جديد بميسور سلفة رغم ما يعانيه من ظروفٍ.