خبير اقتصادي: كل الوسائل والإمكانات متاحة لتجاوز الأزمة الاقتصادية
غيداء حسن:
من المؤكد بدأت تظهر تداعيات الحرب الروسية الغربية ولكنها لم تأخذ أبعادها أفقياً وعمودياً، كما يرى الباحث الاقتصادي الدكتور سنان علي ديب، ويقول في تصريح لـ”تشرين” : لنأخذ سعر النفط والغاز حتى في أرض الولايات المتحدة الأمريكية، نقص المخزون بحوالي ٦ ملايين برميل وارتفاع سعر البنزين لأسعار خيالية وتضخّم لم تشهده بلادهم في أي أزمة وكذلك أوروبا، والتي لم تأخذ تهديدات القيادة الروسية على محمل الجدّ واستمرت بعقوبات واجهتها روسيا بردود عكست سلبياتها على أوروبا والتي ستكون الخاسر الأكبر ، لتمرّ بتضخم لم يستطع تحمّله سكانها وهو بداية الطريق في ظل بدء قطع توريدات الغاز عن دول لم تقبل الدفع بالروبل وكذلك شعور إفريقيا بأن أزمة غذاء طاحنة في طريقها إليها كونها الأكثر استهلاكاً للقمح، وفي المقدمة مصر التي أعد البنك الدولي ومنظمة الغذاء مساعدات لتجاوزها وكذلك قامت حكومتها بتدشين مشروع مصر ٢٠٣٠ بزيادة المساحات المزروعة كبديل عن الاستيراد و كذلك للتصدير .
وكما صرح الرئيس بوتين فإن روسيا سمحت بتصدير القمح الأوكراني ضمن شروط ومتابعة ورقابة روسية وبأساليب مختلفة.
لافتاً إلى أنه مع استمرار الحرب وتوسعها أفقياً وعمودياً تزداد الانعكاسات وتظهر سلبياتها وخاصة ضمن تغير الطلب العالمي في ظل ازدياد الطلب للصيني بعد عودة النشاط الاقتصادي وفتح شنغهاي وغيرها بعد أبعاد موضوع “كورونا” وبالتالي تصريحات الرئيس بوتين صحيحة و موضوع الأسمدة كالقمح تميز الصناعة الروسية وحصتها الكبرى منها على مستوى العالم ستؤدي لارتفاع سعرها، إضافة لما سيسببه ارتفاع أسعار النفط من زيادة التكاليف. وبذلك لن تكون التأثيرات قليلة على العالم أجمع، ومنه نحن رغم أننا لم نرتح ونسير بأريحية للتعافي وتجاوز المطبّات من الحرب القذرة إلى “كورونا” إلى العقوبات والخنق الاقتصادي و استطعنا الاستمرار والتكيف ولو بوجود بعض الثغرات ولكن في الظروف الاستثنائية الأهم هو الأمن الوطني وأمن المواطن، وبالتالي لدينا تجارب في كيفية التعاطي الإيجابي ومنه سنستمر ولكن بجهود أكبر و بإرادة أقوى وخاصة مع قساوة الانعكاسات الاقتصادية وتفشي ظواهر اجتماعية مضبوطة نوعاً ما.
ويبيّن د. علي ديب أن ما استشف من المواجهة الروسية وقبلها المواجهة السورية أن تحصين الداخل أساس للتغلب على ما يحاك في الإدارة العالمية ونجحت به روسيا سواء عبر حرب سعر الصرف والتحكم بالطلب والعرض النقدي أو بالرد القاسي والقوي على العقوبات من مقولة “مصلحتنا الوطنية فوق الجميع” والرد بالمثل والاعتماد على الذات.
ونحن شهدنا سياسات بعضها نجح في التكيف ومواجهة الأزمات وبعضها لم يستمر، ومنها ترشيد الاستيراد وفقاً لجداول متغيرة حسب الحاجة وكذلك قانون الاستثمار وتقديم تسهيلات ولو أنها بحاجة لتغيرات ومنها مثلاً الزراعة وآخرها القمح، فعلى سبيل المثال في الثمانينيات عندما استخدم ضدنا كسلاح وبعد تحديد سعره سخرت كل إمكانات البلد وبسعر أعلى من التصدير لتشجيع الفلاح ومضاعفة الإنتاج واليوم البنى التحتية أقوم.
وكذلك حصل مع الشوندر السكري و بقرارات حازمة واقعية ومتحيّزة للفلاح وصلنا للأمن الغذائي وفقاً لرؤى وتقييمات اقتصادية صحيحة.
وبالتالي دعم الإنتاج الزراعي و بمختلف الأساليب هو استثمار مضاعف سواء بدعم المنتج أو مواد الإنتاج ومقايضة الفائض أو تصديره أساس للمواجهة المقبلة، و كذلك إصلاح معامل القطاع العام والتي كانت متميزة ومؤدية للغرض، ومنها معامل الأسمدة والتي لا ينقصنا لها خبرة أو مواد أو كوادر.
وكذلك اللجوء للإرشاد الزراعي والترشيد واستخدام البدائل العضوية للمساحات القليلة.وكوننا جغرافية أساسية لقوة الحلفاء فإن تحصين البلد من تحصين المواطن وتأمين حاجياته وبالتالي الإسراع لتأمين حاجاتنا الضرورية وفقاً للمقايضة أو بالليرة أو الائتمان الطويل الأجل كنوع من الأدوات التي استخدمتها روسيا لحماية الروبل.
وتبقى كل الإنجازات آنية إذا لم يتبلور محور عالمي لفرض التغيير و نشر السياسات، وبالتالي فإن تقوية أي دولة من الدول ومنها سورية استثمار استراتيجي.
ويبقى تحسين معيشة المواطنين عبر أدوات مختلفة، منها زيادة الأجور والعدالة في توزيع الإمكانات .
كل السبل والأدوات والإمكانات متاحة لتجاوز المطبّات والتي تجاوزنا أقسى منها. وبانتظار تحرير كافة الأراضي لاستعادة ثرواتنا.
ويختم بأن الفترة القاسية لن تكون طويلة وتجاوزها بحاجة لجهود وطاقات الجميع . وضمن الظروف والإمكانات فإن تجاوزها ليس صعباً بالاعتماد على الذات وتعاون الأصدقاء .