إن تقاعد المزارعون!

عندما كان يقوم الفلاحون بإحصاء خسائرهم نهاية كل موسم، لم يكن هنالك من يكترث.

ولأن لجميع أصحاب الفعاليات الأخرى أصواتاً مرتفعة وممثلين عنهم كانوا يتمكنون من تحصيل ما يريدون، وربما فرض الأسعار التي يرون أنها تغطي التكاليف التي يعلنون عنها.

على عكس الحال مع المنتج الزراعي الذي يخفت صوته، والذي لا يستطيع أن يقلع أشجاره إذا لم يعد إنتاجه منها بسعر التكلفة، ولم يكن هنالك من يرفع راية حلول للخسائر الأزلية كحال غرف الصناعة والتجارة، لأن دور اتحاد الفلاحين ظل أقرب للخطابات وتسجيل المواقف لأسباب كثيرة لسنا في سياق الحديث عنها هنا.

عندما كنا كإعلام نتعاطف مع الأوجاع السنوية للمنتجين الزراعيين، كنا نحاول استخدام كل “أسلحتنا” التي تقتصر على ترتيب جمل علها تكون مؤثرة.

وما زالت هذه الجملة التي استخدمتها يوماً تجول في مخيلتي: (ماذا لو توقف الفلاحون عن العمل؟) .

نعم الآن هناك واقع يجيب عن هذا السؤال كل يوم وفي كل محصول.

الناس لم يعتادوا على دفع الكثير للحصول على حاجتهم من المواد الزراعية، كما لم يكن أغلبية الناس معنيين بالمشكلات التي يعانيها المنتجون، ولطالما اعتادت كل شرائح المجتمع على ارتفاع أسعار كل شيء وبشكل شبه يومي، ولكنهم لم يعتادوا على الارتفاع الكبير في أسعار الخضار.

لا تعود هذه الأسعار المرتفعة للمنتج كما يحصل دائماً، فما زال زارعو الثوم في منطقة الغاب يستغيثون من تدني الأسعار إلى ما دون التكلفة رغم السماح بتصديره وهذا موضوع آخر أيضاً!

وما زال سعر كيلو البندورة والبطاطا يشكل صدمة لأغلبية الناس بسبب الارتفاع غير المسبوق في سعر هاتين المادتين الأساسيتين بسبب قلة المنتج من المادتين.

نعم السؤال يطرح نفسه مجدداً: ماذا لو توقف الفلاحون عن زراعة أراضيهم؟

الآن نشهد هذا الواقع ويبدو أننا سنشهده في الكثير من المواد، بعد ارتفاع تكاليف الإنتاج أكثر من طاقة أي منتج، وبعد ترك المنتجين وحيدين يواجهون مشكلاتهم “ويقلعون أشواكهم بأيديهم”، لنحصل على إجابة عملية عما يحصل عندما يتوقف المزارعون عن الزراعة!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار