الامتحان و«النت»

يحدث دائما أن تقطع خدمات الإنترنت تزامناً مع وقت الامتحانات.
خطوة بصرف النظر عن مبررات «التربية» مازالت محط استغراب واستهجان واسعين.. قد يكون لدى «التربية» مبررات، والوزارة درجت في مثل هذه الأوقات من كل عام على الإجراء نفسه ، مرفقاً في أحايين كثيرة مع قطع الاتصالات، لكن، وكما أسلفنا، فأيّاً تكن المبررات فهي غير مقنعة، ولاسيما مع التحول الى العمل الرقمي والالكتروني ، وفي عمل إعلامي يقوم اليوم على الانترنت و السرعة ، مواكبة للانتشار الواسع لوسائل التواصل والخدمات المرتبطة بها، ومن هنا فإن قطع «النت» خطوة غير صحيحة وغير موفقة.
لاشكّ بإن الهدف هو الوصول إلى إتمام العملية الامتحانية بشفافية، وعدم إفساح المجال أمام البعض لاستغلال الامتحان من دون تعب، أو استغلال هذه الوسائط لعمليات الغش، لكن السؤال الذي يطرح نفسه من صميم الواقع: لماذا نلجأ إلى إجراءات فيها من الضرر الشيء الكثير لأوسع شرائح مجتمعية، بحجة قطع الطريق على القلّة..؟.
الغايات النبيلة لا تكون بإحداث الضرر بالآخرين، أو تعطيل أعمالهم، ما ذنب المريض الذي ينتظر شبكة الإنترنت لمعرفة رد شركات التأمين على طلب بخصوص الموافقة على تحاليل معينة؟.. ما ذنب الإعلامي الذي يحارب الوقت لنشر مادته على الموقع الإلكتروني؟…
هي أسئلة متعددة فرضها الواقع المستجد اليوم، قد يكون قطع الاتصالات والخدمات الإلكترونية في زمن سابق لا يطول شرائح واسعة، لكن هذا الإجراء بات معوقاً، و نعتقد أن دولا قليلة جدا ، وتكاد تكون لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة ، هي من تلجأ إلى هذا الأسلوب ، فلماذا الإصرار على المشي بغرابة، وماذا عن موضوع كاميرات المراقبة التي تم الحديث عنها ، وفجأة وكأن الموضوع قد جرى التعتيم عليه ..؟؟.
والسؤال أيضاً من فحوى الأجواء الامتحانية: هل يعتقد القائمون على هذه العملية أن قطع «النت» سوف يضع حداً لسطوة البعض أو المتنفذين في خرق الأنظمة الامتحانية بشكل أو بآخر؟.
أعتقد بأننا لم نسمع يوماً أن دولة قطعت الاتصالات بسبب امتحان.. لنفترض مثلاً أن الصين أو الولايات المتحدة أو روسيا سوف تقوم بمثل هذا الإجراء.. ولكم أن تتخيلوا ردود الفعل على ذلك!!..
بقي أن نقول: إن المؤسسة التربوية السورية وعلى رأسها الوزارة تقوم بجهود كبيرة وجبارة ، تُحسب لها للوصول بالعملية التربوية والامتحانية إلى خواتيمها الصحيحة، فضلاً عن ذلك تملك كفاءات مشهوداً لها بالنزاهة والحرص.. وعليه؛ هل عجزت عن إيجاد وسائل ضبط وأشخاص مؤتمنين لإتمام هذه العملية بغير قطع الاتصال و«النت»؟.. هنا مربط الفرس؛ وما عداه تفاصيل يمكننا المضي في الحديث أكثر حولها، وكل عام وطلابنا ومعلمونا بخير.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار