يوسف المقبل: الدراما هي السبيل لمعرفة التاريخ !
حوار: ميسون شباني :
شخصياته المنوعة والمختلفة هي ميزة صنعها عبر سنواته الطويلة في المجال الفني والدرامي واستطاع أن يجسد أدواراً متلونة في كل فنون الدراما، طريقة أدائه بصوته الجهوري وتقاسيم وجهه المميزة جعلته يمتلك حضوراً خاصاً.. الفنان يوسف المقبل في حديث خاص لـ«تشرين» يتحدث عن شخصياته في الموسم الرمضاني :
– البداية ستكون من العمل التاريخي “فتح الأندلس” ما ميزة هذا العمل وماذا يحمل من حكايا؟
شخصية “نسيم” كانت إحدى الشخصيات الرئيسة في المسلسل، والتواجد ضمن كتيبة طارق بن زياد الاستكشافية، حيث يقومون بالدخول إلى الأندلس قبل الفتح بعدة أشهر، ويندمجون بالحياة الاجتماعية كتجار في السوق ليعرفوا معلومات عن “العدو” المقبلين باتجاهه، وهو يختلف عن معظم الأعمال التاريخية لكون الجانب الديني فيه قليلا, والجانب الأكثر حضوراً هو الحكايا اليومية وقصص الحب والصراعات والأكشن وكل ما هو مرتبط بالدراما حاضراً، وأعتقد أن طريقة الطرح تجعلنا نقترب من عقلية الغرب في صناعة الأعمال التاريخية الضخمة، والتي ليست بالضرورة أن تكون توثيقية للتاريخ لأن هذه مهمة الأكاديميات والجامعات والمحاضرين في التاريخ، والدراما شيء مختلف فهي ستدخل إلى البيوت، ولذا يجب أن تكون فيها حالة تشويق للمتابعة وتقديم المعلومة خاصة في زمن انعدمت فيه القراءة والعلاقة بالكتاب، فصارت الدراما هي السبيل لمعرفة التاريخ وليحقق المتابعة المرجوة ولا يكون عبارة عن محاضرات في التاريخ، يجب أن يكون حاملاً لهذه الحوادث عبر حكايا درامية مشوقة فيها الكثير من الأكشن ..
– إلى أي حد ساعدتك لغتك الفصحى وشكلك في تقديم الشخصيات التاريخية؟
هناك الكثير من الممثلين الذين يعتذرون عن الأعمال التاريخية بسبب مسألة اللغة، فلا يجوز أن تكون هناك أخطاء لغوية، المحطات العارضة لا تسمح بأكثر من خمسة أو ستة أخطاء في الحلقة الواحدة، وأكثر من ذلك يتم رفض الحلقة، لذا من المهم جداً أن يمتلك الممثل لياقة لغوية في التعاطي مع اللغة العربية ومع شديد الأسف ومن وجهة نظري هناك عتب على الأكاديمية الفنية في المعهد العالي للفنون المسرحية لأنه يجب التركيز على اللغة الفصحى وخاصة بعد أن أصبحت معظم مشاريع التخرج باللغة العامية منذ السنوات الأولى، وبات القليل من أساتذة المعهد يركّزون على المسرح الكلاسيكي لـ«شكسبير»، والبقية يذهبون باتجاه الاستسهال باللهجة العامية، اللغة مهمة جداً والمسألة تتعلق بمضمون يفرض شكلاً معيناً، فلا يمكن أن أقدّم مسلسلاً تاريخياً باللهجة العامية، هناك تجارب كثيرة في التاريخ تم اعتماد اللهجات فيها “العراقية ، المصرية، المغربية..” فمثلاً قدمت الدراما المصرية سيرة بني هلال باللهجة المصرية وقدمنا تغريبة بني هلال باللغة الفصحى وفشل عملهم فشلاً ذريعاً ونجح عملنا بشكل كبير، المسألة ليست في اللغة بل في المضمون الذي يفرض شكلاً واللغة هي شكل من أشكال التعبير عن هذا المضمون وهناك الكثير من المواضيع التي لا يمكن أن أقدمها بالفصحى لأنها تتسبب بنفور للمتلقي.. وبالمناسبة الممثل السوري هو الأقدر على التمثيل باللغة الفصحى بين الدول العربية وذلك لخلو لغته من اللكنة وهذا أمر مهم جداً ..
–شخصية “نسيم” التي قدمتها كيف تم الاشتغال عليها خاصة أن لها كركتراً خاصاً من ناحية الشكل؟
الشخصية ليست لها مرجعية تاريخية، بل هي مخترعة من قبل الكاتب، وهذا ما يجعلها تمتلك مساحة من الحرية بشكل أكبر، واقترحت على المخرج أن أذهب بهذه الشخصية لهذا الأداء، باعتبار أنها طرف موجود في متن النص، وهاجسي تقديم شيء مختلف عبرها، لذا اخترت جانباً من الفكاهة والمرح وخاصة أن طرح الشخصيات الكوميدية عبر الأعمال التاريخية هو أمر نادر، وأنا كممثل قدمت شخصية مختلفة وخلعت ثوب الرزانة والثقة في الأداء على صعيد الشكل واقترحت أن تكون مختلفة بصرياً ..
– شاركت كضيف في مسلسل “مع وقف التنفيذ” لماذا قبلت المشاركة بهذه المشاهد فقط؟
شاركت كضيف وأعتز بهذه المشاركة وخاصة أنها كانت مع بطلتي العمل، وهو دور مفصلي تترتب عليه أحداث مستقبلاً، والعمل كمادة نص مهم جداً ومكتوب بعناية فائقة لكون الدراما التلفزيونية تبدأ من النص المكتوب فإذا كان غير متماسك كبناء حكائي، فمهما بذل الممثل من جهد تبقى المعادلة ناقصة، وأعتقد أنه توفر للعمل كل العوامل التي ساعدت على نجاحه من نص درامي محكم وممثلين من طراز رفيع و وجهة إنتاجية قدمت له كل ما يلزم لإنجاحه، إضافة إلى عين المخرج اللماحة والذكية التي استطاعت التقاط المشاهد بإبداع وربطت هذا الإيقاع بالمسلسل ككل وقادته للنجاح.
– قدمت شخصيتين متناقضتين تماماً في “جوقة عزيزة” و”مع وقف التنفيذ” وبالكاركتر نفسه كيف حققت الاختلاف بينهما؟
الشيخ فاضل في مسلسل “مع وقف التنفيذ” هو شخص دجال ونصاب ويعتاش بطرق غير شرعية ومتواطئ مع “جنان العالم” بخدمات متبادلة إضافة إلى كونها ابنة شيخ معروف في منطقتها ويحاول بطريقته جذب الكثير من النساء، فيما الشيخ جلال في مسلسل “جوقة عزيزة” مختلف تماماً فهو يتبع المذهب الصوفي ويعترف دائماً بإنسانية الإنسان لأبعد الحدود، بغض النظر عن انتماءاته الدينية والمذهبية أو العرقية ويؤكد دائماً على الحس الإنساني العالي..
– أين أنت من المسرح؟
لم أنقطع عن المسرح وأشارك تقريباً كل عام في عرض مسرحي، وأشعر أنه مكان الاختبار الحقيقي لي كممثل من جهة اختبار أدواتي الفنية من صوت وحركة جسد والقدرة العقلية والنفسية على التركيز والقدرة على الانضباط على الخشبة، وأعتقد أنه ليس خطأ أن يمنح الفنان بعضاً من وقته للمسرح كي يجدد أدواته كممثل لكي تخدمه على صعيد الدراما التلفزيونية أو في عالم السينما..