“منحت نعمة لم أقدّر ثمنها إلا في هذه الأيام العصيبة التي يجتاحها الغلاء من كل صوب، فأنا وأعوذ بالله من هذه الكلمة, لست من محبّي اللحوم الحمراء، فبينما يندب الجميع جيوبه وحظه لعدم تمكنه من شرائها أقف شامخة الرأس مرفوعة الجيب، مُنية النفس بتوافر بدائل أقل سعراً، مع تعاطفي العميق مع محدودي الدخل “أمثالي” لخروج هذه المادة الأساسية من نظامهم الغذائي.
ويبدو أن ذلك لم يرق للتجار “الفطاحل” ومن خلفهم أصدقائنا “اللحومييّن”، حيث أصرّوا على معاقبتي ونظرائي “النباتيين” بأساليبهم المعهودة، عبر رفع أسعار الخضار حتى نافست اللحوم غلاءً، وخرجت أصناف كثيرة من سلم الاستهلاك اليومي، على مبدأ “ما حدا أحسن من حدا”، فـ”أكلها” النباتيون واللحوميون ومن بينهما.
تعذّر دخول اللحوم والخضار إلى مطابخ المواطنين في وقتٍ كان يتوقع انخفاض أسعار منتجاتهما، لا يتحمل نتيجته الفلاح والمربي، فهما الأكثر خسارة وتضرراً، فالمسؤول معروف وبيّن ولا يحتاج إلى معادلات حسابية ورقابية لمعرفة من أوصل القطاع الزراعي إلى واقعه المتردي وتسبب في انتكاسة المحاصيل الزراعية وقطاع الثروة الحيوانية، الذي يعد من أهم القطاعات المنتجة، الأمر الذي يفرض حلولاً واتخاذ قرارات جريئة تنصف المنتجين، وتكشف المقصرين والفاسدين، الذين لهم بالتشارك مع تجار وأثرياء الحرب يد طولى فيما وصلنا إليه من واقع صعب يحتاج عقلية عمل مختلفة يديرها قادة وخبراء من الطراز الحكيم و”الخيّر” لنقل معيشتنا بخضار ولحوم إلى برّ الأمان.
عودة السلع الأساسية من اللحوم والخضار إلى موائدنا، وظفر كل فرد بما يشتهيه بدل الأكل بـ”الجبر” حسب ما تقتضيه سياسة التقشف المفرطة، يتطلب دعماً حقيقياّ للقطاع الزراعي ومدّ يد العون للفلاح والمربي، على نحو يثمر إنتاجاً من البيض واللحم والخضار بأسعار مقبولة تناسب كل الجيوب وتدعم الخزينة بتصدير الفائض أيضاً، وقتها فقط ستكون عودتي إلى تذوّق الأصناف المفضلة من الخضار بدون حسابات حتمية ولو كره “اللحوميّون”.
رحاب الإبراهيم
68 المشاركات