«نحلات سوريّة».. تدوير الأقمشة برائحة الأجداد
نور ملحم
بهدف إحياء فكر يعود إلى عمر جداتنا وتاريخهن العريق افتتح معرض «نحلات سوريّة» لإعادة تدوير الأقمشة المستعملة مساء أمس في المركز الثقافي العربي بالعدوي، ويستمر مدة ثلاثة أيام على التوالي بمشاركة أكثر من خمس وأربعين سيدة، سعياً منهن لإحياء التراث السوري الأصيل عبر قطع قماشية صنعت يدوياً بالإبرة والخيط.
وأكدت نداء عيسى المدير التنفيذي لمشروع «نحلات سوريّة» لـ«تشرين» أن الهدف الأول من المعرض دعم المرأة في ظل الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة لتجد لها مورداً مالياً تعتاش منه بعيداً عن تلقي المساعدات، فعندما تكون المرأة منتجة ستكون أقوى.
وأشارت إلى أن تدوير القماش أمرٌ معروف في التراث السوري، كانت الجدات يقمن به منذ زمن بعيد وله مسميات مختلفة حسب المنطقة، حيث إن المعرض لهذا العام اتصف بالحداثة والأفكار العصرية مع الارتباط بالماضي, فجمع ما بين التراث القديم والحديث متعة وتميزاً يجعل الأعمال القماشية متقنةً يتساوى الظاهر والباطن فيها، فالحياة إبداعٌ كوني متجدد بشكل مستمر، مبينة أن المشارِكات في المعرض عملن ضمن قواعد وأسس جديدة تعتمد على الدقة والمتانة والجودة العالية مع خروج على المألوف بتصميم لوحات استخدمن فيها العديد من الأقمشة السورية العريقة كالبروكار الدمشقي، الدامسكو، الأغباني، والمخمل وغيرها، لتشكل عملاً فنياً ممزوجاً بالتراث السوري والأصالة.
بدوره أكد فؤاد عربش – رئيس الجمعية الحرفية للمنتجات الشرقية في دمشق في تصريح لـ«تشرين» دور الجمعية في دعم الحرف اليدوية وإعادة إحيائها، وأن حرفة تدوير الأقمشة المستعملة هي تاريخ وإرث قديم كان لدى أمهاتنا وجداتنا، حيث صنعن في الماضي كل شيء في منازلهن، مضيفاً: ما لفت نظري في هذا المعرض هو الأفكار المطروحة في كل عمل على حدة، ولمست إصرار السيدة السورية على إبداع شيء من لا شيء، فمن أدوات بسيطة أبدعن فرصة عمل ذات طابع جمالي وربحي، واستطعن تحويل تلك الأفكار إلى فن، بابتكارهن الكثير من القطع والتحف الفنية القابلة للاستخدام، لقد حوَّلن الحرفة إلى فن هدفه الاستمرارية، فالجمهور لا بدّ أن يتعرف على هذا التراث القديم وأصالته.
يذكر أنّ المعرض يضم مجموعة نساء من بيئات وأعمار مختلفة, بعضهن ربات بيوت وموظفات وفنانات، وكان التحدي بينهن أن يستخدمن في أعمالهن الإبرة والخيط فقط، فممنوع استخدام أي آلة في عملية إعادة التدوير، فكانت البداية في بعض مراكز الإيواء بدمشق، ثم تطور النشاط لاحقاً، وبدأت أولى الورشات في قاعة تدريبية في أحد المراكز الثقافية الحكومية، وتتالت الدورات وعدد ورشات العمل حتى صارت للمجموعة فروع في أكثر من منطقة ومحافظة.