المازوت وأسعار المستهلك
أجمعت التوقعات قبل أسابيع على أن أسعار الخضروات ستشهد انخفاضاً مع بدء الإنتاج الصيفي الذي يتسم بالغزارة ، ومن توقع هم المواطنون بناء على ما كان سائداً تاريخياً، ومسؤولو وزارتي التجارة الداخلية والزراعة .
لكن خاب ظن الجميع، فالأسعار لم تنخفض في الأسواق بالشكل الذي يتمناه ذوو الدخل المحدود، رغم أن المزارع يؤكد أنه يبيع بأسعار بالكاد تغطي تكاليفه، والتجار يقولون إن أرباحهم ضمن المسموح و”بنور الله”، وهذا ما يضعنا في حيرة من أمرنا ويجعلنا نتساءل عن سبب استمرار ارتفاع أسعار منتجات الصيف!
الإجابة على هذا السؤال تدفعنا للذهاب إلى نشرات مديريات التجارة الداخلية وأسعار صالات “السورية للتجارة ” في المحافظات فنجد أنها تحوم حول أسعار السوق، أحيانا أقل منها وأحيانا أعلى، لكن بفروق كبيرة عن الأسعار لدى المزارع ، كما نجد أن أسعار الخضروات في المدن المنتجة لها أعلى من أسعارها في دمشق أو حلب.
لذلك منطقياً فإن السبب الأهم في هذا الصدد هو ارتفاع تكاليف النقل للمنتجات من مراكز الإنتاج وصولاً إلى المستهلك النهائي، والتي تكون في كثير من الأحيان أعلى من ثمن الحمولة نفسها، والسبب الجوهري في ارتفاع تكاليف النقل يكمن بالدرجة الأولى في سعر مادة المازوت، وبعدها تكاليف صيانة الشاحنات وقطع غيارها…
لهذا نلاحظ أن الأسعار لدى كبار التجار ومن ضمنهم ” السورية للتجارة” أقل منها لدى من يستجرون كميات أقل مستفيدين مما يسمى اقتصاديات الحجم والوفر في التكاليف الثابتة، فرغم التصريحات بتوفر المازوت بالسعر المدعوم لقطاع الشحن إلا أن الواقع عكس ذلك وحتى ولو تحقق فإن تعدد الأسعار لمادة المازوت بين مدعوم وحرّ وسوق سوداء سيدفع الجميع لحساب تكاليفهم بناء على السعر الأعلى وهو سعر السوق السوداء.
وتالياً لحل هذه المعضلة لابد من ضبط سوق المحروقات، التي تشهد انفلاتاً كبيراً بالرغم من العقوبات المشددة حسب القوانين لكنها غير كافية مقابل جشع ضعاف النفوس، وهذا الحل يجب أن يبدأ بحصر وسائط النقل وتوفير احتياجاتها من المحروقات بسعر محدد وواضح ومن ثم يتم إلزامها بتسعيرة النقل .
كما يحتاج الأمر إلى تضافر جهود الجميع في غرف واتحادات الزراعة والمجتمع الأهلي بإطلاق مبادرات تحقق نقل المنتجات الزراعية بكفاءة اقتصادية وتضمن وصولها إلى المستهلكين بأقل الأسعار.