هل تعتقد واشنطن من خلال عرقلتها المفاوضات النووية بخصوص إيران أن الأخيرة سوف تبقى صابرة وتنتظر موافقة “السيد الأمريكي”؟
كل المشاركين في مفاوضات فيينا باتوا على قناعة أن واشنطن تعرقل المفاوضات وتضع العصي في عجلات التوقيع على اتفاق جديد، لكن حلفاء واشنطن وهم يعرفون هذه الحقيقة لا يجرؤون على قولها،بل يمضون كما تريد أمريكا وهذا فيه تعطيل لجهود الجميع.
الخارجية الإيرانية أعلنت بوضوح أن واشنطن تعرقل المحادثات ولم تتخذ حتى اليوم قراراً سياسياً بخصوصه، بل ذهبت أبعد من ذلك بقولها إن ذلك مرده أمريكياً إلى التشتت الداخلي في الإدارة الأمريكية ما يعني إبقاء كل القضايا الدولية رهناً بخلافات ساكني البيت الأبيض.
لقد طرحت طهران حلولاً جديدة بهدف التوصل إلى الاتفاق في أقرب وقت وأعلنت صراحة وبالفم الملآن أنها لن تتنازل عن خطوطها الحمراء ولن تصبر إلى الأبد مشيرة إلى أن بعض الموضوعات التي تتذرع بها واشنطن ليست محل بحث ومناقشة.
لقد ربطت واشنطن المفاوضات بقضايا غير ذي صلة، بحجة أنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق من دون تحقيقها، ما يعني أن واشنطن تحاول أن تجعل التوصل إلى اتفاق في فيينا صعباً من خلال تقديم ذرائع مختلفة.
إن اعتماد مثل هذه الأساليب غير البنّاءة وغير المرتبطة بعملية التفاوض مثل تحديد مواعيد نهائية مصطنعة للمفاوضات ووضع شروط مسبقة جديدة، -والتي تعارض بشكل واضح سياسة واشنطن السابقة بشأن التأكيد على تسريع عملية التوصل إلى اتفاق- من شأنها وضع العراقيل أمام المفاوضات.
لقد ألمحت طهران مراراً على لسان مسؤوليها بقرب التوصل إلى اتفاق في مفاوضات فيينا بعد أن نقلت مقترحاتها بشأن القضايا المتبقية إلى الولايات المتحدة من خلال ممثل الاتحاد الأوروبي في المفاوضات “إنريكي مورا”، وباتت الكرة في ملعب أمريكا التي تماطل وتلعب على موضوع الوقت والأزمات الناشئة للمضي في المزيد من الضغوط الاقتصادية والسياسية على طهران.
لكن ما فات واشنطن هو أن طهران التي صمدت لعقود في وجه الحصار والعقوبات الظالمة، استطاعت أن تنجح في مجالات مختلفة، وتالياً لن تتراجع عن حقوقها مهما طال الوقت.
واشنطن والعواصم الغربية يعرفون هذا جيداً، لذلك فإن التوصل إلى اتفاق يراعي مصالح الجميع كفيل بأن يتنفس العالم الصعداء قليلاً، لأن أي انفراج في مكان لابدّ أن ينعكس إيجاباً على ملفات أخرى.