أيّاً كانت أسباب غياب “الدراما المُشتركة”، عن الموسم الدرامي الحالي، فهي على ما نأمل، مؤشرٌ إيجابي، تجاه مجموعة تجارب أو كما يُسميها البعض “ظاهرة”، غابت عنها النصوص الجادة، وانحازت تجاه الخفّة، حتى اختلطت عناوينها في ذاكرة الجمهور، وتداخلت مضامينها الهزيلة مع بعضها، هي القائمة أصلاً، على مقاييس لا تضمن نجاحاً درامياً يستحق الذكر، في مُقدمتها جنسية الممثل ووسامته، بالطبع الممثلة الجميلة لبنانية، والعاشق الثري سوري، إلى جانب زخرفة تتضمن عروض أزياءٍ وسياراتٍ وديكوراً، لا تُرى في بيوتنا وشوارعنا.
الإشكالية الحقيقية، لم تكن فقط، في اتكال تلك الأعمال، على حكاياتٍ مركّبة ومُتشابهة، في سيناريوهات العشق والخيانة بشكلٍ ضحل وسطحي، يصعب تخيل حدوثه فعلاً، بل في إصرارها على التعاطي مع ممثلينا، كما لو كانوا وصفةً جاهزة مُجرّبة، فالممثلة السورية، شبه المُغيبة عن هذه التجارب، كومبارس أو إضافة يمكن الاستغناء عنها، وهو ما ينسحب على نظيرها الممثل، يُمكن استبداله بنجمٍ آخر، مادام يتمتع بجماهيرية عربية، تخدم شركات الإنتاج اللبنانية، وتُسهّل ترويج العمل المبني على نجاحٍ سابقٍ ومُستمرٍ لنجمٍ سوريٍّ ما.
خلال أعوامٍ من العرض، كنّا نتابع أسئلةً ونقاشاتٍ مستفِزة، في كواليس هذه الظاهرة، البعض سأل من هو الأفضل فنياً، الممثلون السوريون أم اللبنانيون، آخرون تحدثوا عن نجاحاتٍ فردية، لا تخدم درامانا كهوية جامعة، في أي شيء، وهناك من تورّط في سرقة أفكار أفلامٍ سينمائية أجنبية، مُدَّعياً أنه استوحى لا أكثر، ولم يتردد فنانون من “الشعب الواحد في بلدين”، من الإدلاء بتصريحاتٍ نارية مُهينة للآخر، ساهمت كلها في صناعة جماهيرية وهمية، لهذا النمط الدرامي المُلوّن، بصور الجميلات الحائرات والأثرياء أصحاب النفوذ والسلطة.
بالطبع؛ الغياب الحالي، لا يعني أنّ التجارب ستتوقف والظاهرة إلى زوال، لكنه، ربما يكون إجابةً عن سؤالٍ طرح نفسه، إعلامياً ودرامياً، فيما إذا كانت “الدراما المُشتركة” ضرورةً أو حلاً أو نتيجة لصعوبات الإنتاج الدرامي في سورية، في سنواتٍ سابقة، يمكننا أن نرقى بكل ما قُدّم، لنقول إنه خيارٌ فنيٌ للمشاركين فيه، لا جديد في اجتماع فنانين من جنسياتٍ مختلفة، في مسلسلٍ ما، لكن الخلل الأبرز، كان في البناء على أُسسٍ هشة، في النص وطريقة توزيع الأدوار، في النتيجة، مستوى فنيٌّ متدنٍ، ما عاد سهلاً إقناع المُشاهدين بقبوله.