في معرضها الفردي الأول.. تغريد الشيباني تحتفي بالعجمي على طريقتها
لا تبدو الموازنة عادةً، سهلةً، بين القواعد المُتعارف عليها عن حرفةٍ تاريخية، وما يفترضه الفن من خصوصيةٍ وفرادة، لكن ما تشتغل عليه “تغريد الشيباني”، مشروعٌ يستند إلى المهارة والبحث، الأولى تحكي عن نفسها في الصنعة، شكلاً وتقنيةً، والثانية يمكن العثور عليها في قدرة الأعمال على مُحاورة المُتلقي وإمتاعه، بفرجةٍ جديدة، أسست لها الفنانة منذ أعوام، حتى كان معرضها الفردي الأول “نفحات من روحي”، والمُستمر حتى 24 آذار الجاري، في المركز الثقافي في كفرسوسة.
تخرّجت الشيباني في معهد إعداد المُدرسين، قسم العمل اليدوي، شاركت في معارض جماعية، وبدأت العمل على “فن العجمي” عام 2017، وهي حرفة فنية يدوية قديمة، دمشقية الأصل، وشرقية الطابع، درجت العادة على استخدامها لتزيين قاعات الاستقبال والمجالس في البيوت والقصور، بحيث تتوزع بين الشبابيك والأبواب والجدران، قوامها عجينةٌ من الزنك والسبيداج والغراء العربي. وهو ما استحضرته الشيباني، حيث رسمت حُجراتٍ وبيوتاً دمشقية قديمة، وأفردت مساحاتٍ خاصة للزخارف النباتية والهندسية، في مجموعةٍ من اللوحات “33 لوحة”، إضافةً إلى أعمالٍ يدوية كالمرايا والصناديق.
المعرض كما تشرح الشيباني، حصيلة مرحلةٍ معينةٍ من حياتها، لكل لوحةٍ حكاية، بما فيها من تعبٍ وتفاصيلٍ وانتظار. تُضيف لـ “تشرين”: “أُحاول تعريف الناس بالفن النافر، و”العجمي” خلطةٌ يمكن الاستفادة منها كثيراً في هذا المجال، يُضاف إليها عجينة السيراميك مع الأقمشة، و”الروليف” بوصفه نقشاً بارزاً، يُعطِي انطباعاً بأن المنحوتة تتجسد فوق سطح خلفيةٍ ما”. وكما تُوحي النتائج، فهي تحتاج جهداً مضاعفاً، يبدأ بالتأسيس والرسم، ومن ثم تنزيل العجمي النافر الأبيض، يليه تلوين اللوحة وتذهيبها وتحديدها بالأسود وطلاؤها بـ “اللكر” لإعطاءها قوةً وديمومة.
أمّا عن كيفية الموازنة بين ما يفرضه “العجمي” المُتوارَث، وما تُريد الفنانة إظهاره من ذاتية، فهي تسعى للربط بينهما برسم الخطوط التي تُريد، بالزخارف المطلوبة، لتحضر التقنية كموضوعٍ إنساني لا مجرّد زينةٍ جامدة. تقول الشيباني: “العجمي” ساعدني في إبراز المضامين، ليتحقق عندي تواصلٌ مختلف بين المُشاهِد والعمل، يُمكن تلمّس الانحناءات والانكسارات، والمشاعر أيضاً، فالبيوت لدي ليست أبنية، بل أرواحاً تحيا سويةً، وما الشجرة والسجادة والبحرة، إلّا صوتُ الناس فيها، الفكرة أبعد من تلميع الإطار كمُعادلٍ للشكل أو الخارج، المضمون برأيي أكثر أهمية، وهو القادر على إبراز كل ما هو سواه.
تصوير: طارق الحسنية