ما «الفن» عندما لا نفهمه؟

غالباً ما تتم الاستعانة بأمثلة ساذجة، على مبدأ “أشكال الورود” و”أصوات العصافير”، في الحديث عن فهم الفن، ولعلّ القصيدة واللوحة، تأتيان في المقدمة، إذا ما سلّمنا بأن أشكالاً أخرى كالأغنية والرواية والمسلسلات والأفلام، لا تحتاج شروحات وإلى حدٍ ما لا تصح معها التأويلات المفتوحة، برغم أنها في المجمل تخضع لذاتية التلقي والتجربة، من هنا، ربما، يميل البعض إلى تصنيف الفنانين والجمهور، بمعنى؛ إن ما يكتبه البعض أو يرسمه أو يُؤديه، لا يعني الجميع أو لا يُشترط أصلاً أن يعنيهم أو يستهدفهم، ولهذا لا يبدو «الفهم» مطلباً أو حاجة أو معياراً لأي شيء.
في سياق التصنيف أيضاً، تندرج مفاهيم كالنخبوية والجماهيرية والترفيه والمتعة، فما يجعل أغنيةً ما رائجة، ليس بالضرورة المعنى الجميل والعميق لكلماتها، بل لحنها الصاخب وسهولة حفظها وترديدها، وهو ما ينسحب بشكلٍ آخر على قصصٍ وأشعارٍ ومسرحيات، قُدِّمت وأُعيدت ونُوقِشت مراتٍ ومرات، في حين، بقيت أعمالٌ أخرى، مرهونة بالمناسبات والتذكُّر، ولا يعني هذا حُكماً بأفضلية أو جودة أو صلاحية، بقدر ما يتطلب إعادة النظر، بما يتبع لها، كالشهرة والنجاح مثلاً، وما يُقابلهما من شعورٍ بالغبن أو الفشل أو أن الآخرين يتمتعون بقدراتٍ وإمكاناتٍ، تفتقر إليها البقية، ممن يستمتعون برؤية لوحةٍ عن حارةٍ أو نهرٍ، ولا يجدون معنىً لتداخل الخطوط والألوان.
يتحايل البعض على عدم الفهم الذي يعتريهم في معرضٍ فني أو أمسية شعرية، بجمالية ما تكمن في غموض المعنى، وغير بعيدٍ عنهم يتململ التشكيليون والشعراء من الشرح والتوضيح، حتى إن أحدهم يجد في الحديث عن مضامين لوحاته، إهانةً وتقليلاً من شأن إبداعه، في الوقت ذاته تمتلئ صفحات «الفيسبوك» بمقاطع من مقابلات مع شعراء، يُلقون قصائد ينطبق عليها «شر البلية ما يُضحك»، ومع هذا، لدينا ما يُبرر لهم، لكن ما يجب إدراكه في المقابل، أن عدم الفهم، الذي يخجل أحدنا من الإفصاح عنه، يُعزز ضمنياً، ما تراه شرائح واسعة من الناس، بأنه لا قيمة حقيقةً للفنون، في واقعٍ مؤلم كالذي نحياه، ما الذي نحتاجه من بقع الألوان الحمراء والصفراء، ما الذي ننتظره من مجموعة كلماتٍ صفّها صاحبها ليسمع صوت التصفيق، لا لأنه معنيٌّ بنا؟. بالتأكيد، يجب أن تكون هناك طرق مختلفة في تقديم الفن، ومن ثم في فهمه.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
(وثيقة وطن) تكرم الفائزين بجوائز مسابقة "هذه حكايتي" لعام 2024..  د. شعبان: هدفنا الوصول لحكايا الناس وأرشفة القصص بذاكرة تحمل وطناً بأكمله معلا يتفقد أعمال تنفيذ ملعب البانوراما في درعا ويقترح تأجيل الافتتاح بسبب تأثر المواد اللاصقة بالأمطار الوزير الخطيب: القانون رقم 30 يهدف إلى حماية بنية الاتصالات من التعديات الوزير صباغ: إمعان الاحتلال في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني يعبر عن سياسات إرهابية متجذرة لديه الجلالي يبحث مع أعضاء المجلس الأعلى للرقابة المالية صعوبات العمل ووضع حد لأي تجاوزات قد تحدث طلاب المعهد الصناعي الأول بدمشق يركّبون منظومة الطاقة الشمسية لمديرية التعليم المهني والتقني أجواء الحسكة.. عجاج فأمطار الأضرار طفيفة والمؤسسات الصحية بجهوزية تامة لمعالجة تداعيات العجاج انطلاق فعاليات أيام الثقافة السورية في حلب بمعرض للكتاب يضم ألف عنوان أين وصلت عمليات الترميم والتأهيل لمتحف معرة النعمان وماذا عن متحف حماة وقلعتها؟ بسبب العاصفة.. أضرار مختلفة في الشبكة الكهربائية باللاذقية