الفائدة بالعبر ..!

كلما حاولت النظر والبحث في مشكلات القطاع العام , والخوض في رحلة البحث عن الحلول أجد نفسي أمام كتلة هائلة من المشاكل وحلولها الثابتة من دون أي تغيير يذكر, وأنا أعي ذلك منذ أن مارست العمل الصحفي لأول مرة وبدأت مشوار “الصحفي الاقتصادي” وأنا أشهد أني كتبت الكثير عنها, وخضنا في حلولها وتكرارها في كل مناسبة..!
فعندما سمعت بالأمس مطالب صناعيي حمص في مؤتمر غرفتهم السنوي أعادني شريط الذكريات إلى مؤتمرات عدة , واجتماعات كثيرة سابقة سجلت المطالب والحلول نفسها, لم يتغير فيها مطلب , الوحيد الذي تغير وجوه الأشخاص وأقوالهم المؤثرة واستخدام (السين وسوف) مع كل جملة تنطقها ألسنتهم ..!
لكن نحن هنا لسنا في صدد هذه المشكلات ، وإنما البحث في لبّ المشكلة التي أراها في مفهومي الشخصي في حالات تغيير الأشخاص الذين يمارسون الوظيفة العامة , أو المناصب الإدارية وطريقة فهمهم الخاطئ لها , وطريقة التعاطي التي تفرضها حالات التغيير في المناصب، فالخلف لا يعجبه عمل السلف , ويضرب عرض الحائط بكل ما أنجز, صواباً كان أم خطأ ويعيد ترتيب الأوراق من جديد , ويرسم استراتيجية جديدة للعمل , تبدأ من الصفر , ويعيد معها كل تفاصيل العمل إليها, مع خسارة للوقت والجهد والمال العام وهذا ما يحدث في كثير من الوزارات والجهات العامة ..!
وما عزز ذلك الاستراتيجيات التي تضعها تلك الجهات والتي تتجاهل فيها مجموعة مبادئ يتم من خلالها ترسيخ مفاهيم الوظيفة التي تخدم المصلحة العامة وتبتعد عن محاكاة الأنا التي تتغنى بها الإدارات المتعاقبة وتنسف بها أعمال السلف , وتعيد الجهة لنقطة الصفر ما عزز حالات الترهل الإداري , وتكريس الضعف في اتخاذ القرارات وحلّ المشكلات التي مازالت عالقة في ذهني كما غيري من الملايين الغيورين على قطاعنا العام ودولتنا منذ عقود مضت ..!
كل شيء خضع للتغيير, باستثناء هموم ومشاكل قطاعنا العام , مازلنا نطالب بالإدارة الناجحة , واستثمار الخبرات والكفاءات , و وضع الرجل المناسب في مكانه , وضرائب ورسوم , وأخطرها التخلص من الفاسدين و محسوبيات العمل , وتأمين المستلزمات لتطوير البني التحتية وغيرها ..!؟
والمؤسف أننا مررنا بأزمات كثيرة وتجارب تفرض علينا الاستفادة منها , إلا أننا لم نفعل, وما يحصل اليوم من تجاذب في الوظيفة العامة يقلقنا جميعاً ويعيد تفكيرنا إلى نقطة الصفر في كل شيء، فأي فائدة حصدناها من كل العبر التي مرت بنا ومررنا بها , العبرة بالفائدة وغيرها لا وألف لا ..!؟

Issa.samy68@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار