تهرباً من الإشعار المصرفي.. عقود (الهبة) تتسيد البيوع العقارية
تشهد أسواق العقارات في دمشق وريفها إقبالاً واسعاً على استخدام عقود الهبة في البيوع العقارية لتجاوز عملية الإيداع في المصارف ولتجنب المزيد من النفقات المالية بالاعتماد على المكاتب العقارية التي تزدهر أعمالها حالياً وخاصة في الريف الدمشقي.
وتعرّف المادّة (454) من القانون المدني الهبة بأنها (عقدٌ يتصرف بمقتضاه الواهب في مال له دون عوض، على أنه يجوز للواهب دون أن يتجرد عن نيّة التبرع أن يفرض على الموهوب له القيام بالتزام معين).
النسبة تتجاوز 70٪
جمال اليافي أحد العاملين في تخليص المعاملات أكد أن الإقبال متزايد على عقود الهبة, وأن نسبة استخدامها حالياً تزيد على 70 % وخاصة في ريف دمشق والسبب هو التهرب من الإشعار المصرفي لكون إجراءات البنوك صعبة جداً وتحتوي على تعقيدات لا يراها البائع أو الشاري سلسة.
نافياً حدوث أي إشكال أثناء تنظيم عقود الهبة، مؤكداً أن أغلب زبائنه في ريف دمشق يطالبون بإبرام عقود الهبة في البيوع العقارية.
وأشار إلى أن بعض عمليات البيع أو الشراء تتم على مراحل وخاصة في حالات الاشتراك بالملكية العقارية لأكثر من شخص، وهنا لا الشاري يقبل ولا البائع أن يتم إيداع ٥ ملايين لكل من الأطراف المشتركة في العقار، وبالتالي يتم اللجوء إلى عقد الهبة الذي لا يتطلب عملية إيداع في المصارف، وباستثناء عملية الإيداع تبقى إجراءات البيع والشراء واحدة سواء بالنسبة لقانون البيوع العقاري الجديد أو القديم.
التراضي سيد الموقف
من جهته أكد فراس اللحام صاحب مكتب عقاري أن البيوع بموجب عقد الهبة مرتفعة ويوازيها أيضاً الفراغ بموجب حكم محكمة وخاصة بالنسبة للتجار الذين يبيعون أكثر من عقار في فترات متزامنة ولكن بهذه الحالة تترتب أعباء مادية مختلفة على الشاري رغم أنه يتجاوز خطوة الإيداع المصرفي في البنوك باعتبار أن البيع تم بموجب حكم محكمة.
وقال: إن العملية برمتها تتم بالتراضي عبر الاتفاق بين البائع والشاري، ولكن أيضاً لهذه الخطوة سلبيات بحيث يترتب على الشاري دفع تكاليف إتمام عملية الفراغ وقد تصل التكاليف لحدود مليوني ليرة حيث تحتاج إلى توكيل محامين.
وأضاف: إن بعض العقارات استفادت من عملية إيداع مبلغ ٥ ملايين في البنوك وخاصة العقارات الصغيرة، موضحاً أن هناك ازدحاماً ملموساً في مديريات المالية لإتمام عمليات الفروغ العقارية قبل نهاية الشهر الجاري حيث من المتوقع صدور استحقاق إيداع ١٥ بالمئة من قيمة العقار الرائجة في البنك عند إجراء عمليات البيع.
بدوره، قال مؤيد العبيد مالك عقار في حرستا قام ببيعه مؤخراً بموجب عقد هبة: إن هناك إجراءات متشددة بالنسبة لعملية الإيداع في البنوك ما يثير ردة فعل سلبية في سوق العقارات مع اقتناعه بحق البنوك بزيادة سيولتها لكن مع إعطاء الحرية للمودعين بعملية السحوبات ما يزيد الإقبال على استخدام عمليات الإيداع.
وأضاف: المكتب العقاري الذي تكفل بعملية البيع كان صاحب اقتراح إجراء عقد الهبة, ولم أعارض هذا الإجراء، وتمت العملية بسهولة من دون أي تعقيد، وقبضت المبلغ المتفق عليه خلال ثلاث دفعات، الأولى عند إبرام العقد، والثانية عند الإجراءات في مديرية المالية، والثالثة عند الفراغ النهائي في المصالح العقارية، موضحاً أنه دفع التكاليف المترتبة في المالية، بينما الشاري ترتب عليه الدفوعات المالية في المصالح العقارية.
عقود تحت سقف القانون
المحامية رمال جمال المنعم أكدت أن هناك إقبالاً أكبر من قبل على تنظيم عقود الهبة في البيوع العقارية لأسباب متعددة أبرزها أن إجراءاتها أبسط لجهة عدم الحاجة إلى حكم محكمة أو من دون إيداع بالبنوك ومن دون إيصالات ولا تجميد أموال.
وقالت: إن عقد الهبة عقد منظم بالقانون المدني من المادة 454 للمادة 472 وهو صحيح مئة بالمئة لكن يشترط أن يكون العقد مكتوباً, موضحة أن الهبة ضمن الأصول والفروع شبه معفاة ضريبياً، عكس الهبة لشخص غريب.
وأوضحت أن إجراءات الإيداع أثرت على عمل المحامي وزادت تكلفة الدعاوى الإقرارية، ما فتح مجالاً أوسع لعمل المكاتب العقاريه التي تشهد إقبالاً من البائعين أو الشارين الذين يلجؤون لها لإتمام البيوع العقارية نظراً لارتفاع تكلفة الدعاوى الإقرارية والتي هي بيع بالتراضي أمام المحكمه والحصول على حكم محكمه مبرم.
وبينت المنعم أن عمل المحامي ينحصر في أروقة المحكمة، وعلى اعتبار أن الوضع الساري حالياً هو تنظيم عقود الهبة ضمن المكاتب العقارية ومن ثم كاتب عدل، وهذه الطرق بشكل أو بآخر تؤثر سلباً على عمل المحامين.
وأعطت مثالاً من عملها الاعتيادي قائلة: إنها عندما تعمل دعوى إقرارية وبعد الانتهاء منها وأخذ حكم مبرم تحولها لمعقب معاملات، مضيفة: أنا كمحامية لا أذهب إلى الدوائر المالية و العقارية بل يتكلف بها معقب المعاملات، ومن هذا الباب أصبح الناس يختصرون الوقت ويتجهون للمكاتب العقارية.
(ريف دمشق) تتصدر القائمة
وزارة المالية في تقريرها الذي صدر مؤخراً بينت أن عقود البيع العقارية المنفذة من شهر أيار للعام الفائت وحتى شباط من العام الحالي بلغت 231,1 ألف عقد، بينما بلغ إجمالي القيم الرائجة لعقود البيع المنفذة 7770 مليار ليرة.
ووفقاً لبيانات الوزارة فإن محافظة ريف دمشق تحتل المرتبة الأولى بين المحافظات من حيث نسبة عقود البيع المنفذة والتي وصلت إلى25,4%.
إشعارات مصرفية جديدة
وكانت رئيسة قسم الدراسات والتشريعات في مديرية مفوضية الحكومة لدى المصارف حنان عيلبوني قالت في تصريحات إعلامية: تم إقرار إعادة تحديد الحد الأدنى للإشعارات المصرفية لبيوع العقارات، حيث أصبح الحد الأدنى 15% من القيمة الرائجة للوحدة العقارية، مؤكدة أن تنفيذ القرار سيكون في 25 من الشهر الجاري.
وبينت أنه يجب الحصول على قيد مالي مدون عليه ما يعادل القيمة الرائجة للوحدة العقارية، مع مراعاة إذا كانت هذه الوحدة تشمل كامل العقار أو جزءاً منه، ثم يتم تقديم القيد المالي للمصرف للحصول على الإشعار المصرفي الخاص ببيع العقار.