أين نجوم الأغنية السورية المعاصرة
سؤال يتجدد دائماً عند رحيل أعلام الطرب السوري الأصيل، ويتعلق بحال الأغنية السورية المعاصرة وغياب النجوم من الشباب الجدد الذين يمكن أن يضيفوا الكثير إلى هذا الإرث الكبير في الموسيقا والغناء .. لماذا ازدهرت الدراما السورية في حين تعثرت الأغنية؟ الإجابة غالباً تتعلق بالإنتاج وعدم وجود شركات تشجع المطربين الجدد والموسيقيين وكتّاب الأغاني، إضافة إلى وجود قنوات ضخمة ذات ميزانيات عالية تسوق نوعاً معيناً من الطرب أو تجري عقوداً جائرة مع المغنين تجعلهم يخضعون لشروط القناة في تحديد اللون والكلمات وهوية الأغنيات التي سيقدمها الفنان.
في برامج المسابقات العربية، يحرز السوريون الكثير من المواقع المتقدمة ويحقق بعضهم المراكز الأولى في خامة الصوت والأداء، وإذا كان الأمر كذلك، فأين تذهب تلك المواهب ولا نعود نسمع أنها أصدرت ألبومات جديدة أو حتى أغنيات قليلة تشير إلى أنهم قد بدؤوا يخطّون طريقهم في هذا الفن؟
معظم من فاز في تلك البرامج الخاصة بمسابقات الصوت والأغنية، غاب ولم نعد نسمع عنه شيئاً، ومن أكمل تورط بعقود إنتاجية مع محطات تبنته ورسمت له مساره الذي تراه مناسباً بحيث صرنا نسمعه يغني باللهجة المصرية أو غيرها، بل إن الكثيرين وقعوا في مطب الأغنية الهابطة التي لا تنتمي إلى الإرث الإبداعي السوري الكبير في القدود الحلبية وأغاني الساحل وجبل العرب والفرات وغيرها من الألوان الفنية السورية المعروفة.
لاشك في أن المطربة الراحلة ميادة بسيليس أضافت تجربة مختلفة إلى الأغنية السورية، لكن الجميع يعرف حجم المعاناة الذي تعرضت له من ناحية الإنتاج والتسويق، وخاصة أنها اتبعت خط الأغنية الجادة من حيث الكلمات واللحن والأداء. تلك التجربة كان بإمكانها إضافة الكثير من الأعمال المختلفة التي يمكن أن تؤسس لأغنية سورية معاصرة متصلة بالجذور ومواكبة للذوق العام، لكن للأسف لم يسعفها الحظ فغابت في ذروة عطائها.
تغيب الخصوصية تدريجياً عن الأغنية العربية بشكل عام، وتتركز هذه المعاناة في الأغنية السورية بشكل واضح، فما استطاع إنجازه المخرجون والفنانون السوريون على صعيد الدراما، لم يحدث على صعيد الأغنية، رغم الرصيد الموسيقي التاريخي للسوريين في اختراع أول نوتة وأقدم الآلات الموسيقية المعروفة وعلى رأسها القيثارة.
من المؤكد أنه لو توافرت الشروط المناسبة لنمو وازدهار الأغنية السورية المعاصرة، لرأينا الكثير من النجوم الجدد الذين يسهمون بدورهم المهم في الحفاظ على الذائقة السمعية التي تتعرض اليوم لكثير من التشويه والاعتداء عبر الأغنيات الهابطة التي تكتسح المشهد. وحتى يحدث ذلك، تبقى الأغنية السورية بانتظار أن تحظى بالدعم اللازم على مختلف الصعد.