قانون الذمم المالية.. حالة تأييد متخوفة من التفافات التطبيق

تتفاوت الدوافع ما بين رأي وآخر حول قانون (اقرار الذمم المالية) المقرر إصداره قريباً، لكن الهواجس المشتركة حيال ضرورة تشريعه تشكل عاملا رئيسيا في الحاجة الماسة إليه والتي لا تفتأ تلقي بثقلها في هذا المجال أملا بحماية الأموال العامة.
وفي استطلاع ( تشرين ) لبعض الآراء أكد موظف في إحدى المديريات العامة أن مثل هذا القانون ممكن أن يكون داعما لمكافحة الفساد وليس أساسيا أو جوهريا لأنه ببساطة يمكن أن يتم الالتفاف عليه وتفريغه من مضمونه ،حيث من الوارد أن يعمد المرتشي أو الفاسد إلى تسجيل الأموال بأسماء غير اسمه (زوجة – أولاد – أقرباء) ومن الممكن شراء بعض الاصول من دون تسجيلها بشكل رسمي، بحيث يتم الشراء بموجب حكم محكمة وبالتالي لا يسجل رسميا في الدوائر العقارية على اسم الشخص في حال عدم إتمام معاملة نقل الملكية، فضلا عن إمكانية تحويل الأموال إلى مصاغ ذهبي أو عملة أجنبية من خلال القنوات غير الرسمية.
مساواة مرفوضة
بينما ذهب موظف آخر ليؤكد استغرابه من أن تتم المساواة في القانون الجديد كما يشاع بين مسؤول في منصب معين مع موظف عادي يعتمد على راتبه كأساس لمعيشته ويضطر للعمل بأكثر من مجال ليتمكن من تأمين الحد الأدنى من متطلبات الحياة الأساسية في ظل الضائقة المعيشية الحالية والغلاء الفاحش ، بينما بينت موظفة أخرى أن بنود القانون ليست واضحة بشكل كامل لكونه لم يتم طرحه رسميا ، لكن فكرة إيجاد قانون يحد من الفساد والسرقات للمال العام هي تقدم مهم في بلد عانى من ويلات حرب إرهابية طوال ما يزيد على عشر سنوات وما زال يسعى لإيجاد أرضية قانونية للمحافظة على مكتسبات الوطن .
أحد المديرين السابقين قال : إن مكافحة الفساد تتطلب قراراً جدياً ، صارما في ظل وجود بيئة تشريعية مناسبة تتعامل مع التجاوزات والمخالفات من موظفي القطاع العام بمختلف درجاتهم الوظيفية و بكل حسم مع إنزال العقوبات المناسبة وفتح ملفات الفساد أمام الرأي العام من دون أي تحفظ .
الاقتصاد الخفي ومكافحة الفساد
من جهته أكد الباحث الاقتصادي الدكتور معن ديوب أن إقرار القانون الجديد وإيجاد الأرضية المناسبة لإطلاقه مسألة معقدة جدا وتحتاج الى التمييز بين الاقتصاد الخفي أو غير المنظور ومسألة مكافحة الفساد لتجنب الوقوع في مأزق النتائج المغلوطة ، موضحا أن هذا يعتمد بشكل أساسي على البيانات والمصادر الموثقة التي يتم الحصول عليها .
ورأى أن القانون الجديد يجب أن يستند إلى معطيات اقتصادية معلنة وصحيحة ويتم على أساسها اتخاذ القرار المناسب ، منبها أن ضبط العملية يتطلب بيانات واضحة من أصحاب الفعاليات الاقتصادية من مختلف الشرائح .
ولفت إلى أن عملية الضبط تحتاج أيضا إلى الشفافية والقدرة على الوصول إلى المعلومات الحقيقية مترافقة مع تقديم تقارير دورية حقيقية عند حصول تغيرات في الذمم المالية والكشف عنها.
وأعطى مثالا ، أنه و أثناء العمل الوظيفي قد يحصل الموظف على ملكيات معينة نتيجة الظروف غير المتوازنة ربما بسبب المضاربات أو ارتفاع أسعار الأراضي والملكيات التي يقتنيها أو نتيجة التحويلات الخارجية ولا يكون لديه رغبة بالتصريح عن ذلك .
كما أعطى مثالا آخر بوجود بعض الموظفين قد يحصلون على دخول مشروعة وقد لا يصرحون عنها، مثل قيام البعض بالاستثمار في أراضيهم بالأعمال الزراعية أو العقارية أو التجارية ومهما كانت بسيطة أو برؤوس أموال قليلة والتي توفر لهم دخلا إضافياً وكلها تعتبر نشاطات غير معلنة لا تدخل في الحسابات الجاري العمل عليها.
وبين ديوب أن موضوع الإصلاح الضريبي والعدالة الضريبية أمران جوهريان في هذه المسألة ،خاصة أن معظم أصحاب الفعاليات الاقتصادية سواء كانت كبيرة أو صغيرة تتهرب ضريبيا ربما بسبب القانون الضريبي وحاجته للإصلاح ما يدفع أصحاب الفعاليات لعدم إعطاء بيانات صحيحة ، فضلا عن كون التهرب الضريبي تحول إلى سلوك اجتماعي موجود ضمن مجتمعنا وبالتالي ينعكس على دقة الأرقام والبيانات .
صعوبة مركبة
ووجد ديوب أن المسألة ليست مستحيلة لكنها صعبة وصعوبتها مركبة خاصة أن مصادر الأموال التي يحصل عليها أي مواطن قد تكون غير مرئية ..
وتساءل إن كان النظام الضريبي غير عادل وهل هو بحاجة إلى إعادة هيكلة ، وإلى دراسة ورؤية جديدة تحدد آلية الحصول على المعلومات وصولا إلى صناعة قرار يساهم بنجاح قانون الذمم المالية .
وقال: نتمنى أن تكون الآليات التي يتم اتباعها تعبر عن مكونات وأرقام وبيانات صحيحة لنصل إلى نتائج حقيقية تعبر بنا إلى الأهداف المرسومة .وعليه يؤكد أن الشفافية والبيانات الواضحة تحدد المعطيات التي تساهم لاحقا بالحد من الفساد .

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار