الوزراء.. والمهمات الصعبة
إدارة الملفات المهمة بالدولة لا تؤتي ثمارها بين يوم وليلة، ولابدّ من تحضير للتربة وزراعة الفكرة والعناية بها لتصبح قطوفاً يجنيها المواطن.. والمواطن يحتاج إلى ردود سريعة وقفزات ليخرج من سلسلة أزمات فرضت عليه وفرضت على الدولة بفعل إرهاب وحصار وتوغل دولي بطابع استعماري جديد.. الكل معه حق.. لكن لابدّ من وضع الملفات المهمة على الطاولة، وفي مقدمتها ملف الدعم الذي يمس شرائح متعددة وواسعة من المواطنين.. وعبر هذا الملف يحاول صيادو الفتن التلاعب بالأهداف الحقيقية والمقاصد التي يراد بها إعادة هيكلة الدعم على المستحقين.. وخلال الحوارات واللقاءات الستة التي استضافت فيها مؤسسة الوحدة وزراء الاقتصاد والنفط والتجارة الداخلية وحماية المستهلك والاتصالات ووزير الخارجية بحضور وزير الإعلام ووزير المالية، كانت الحوارات والمناقشات التي طرحها الوزراء والأسئلة التي استفسر عنها صحفيو “تشرين” و”الثورة” تشكل مشهداً جديداً للحالة الاقتصادية التي نأمل منها الخير، كل الخير، وتضع كل الملفات بما فيها بعض التفاصيل بشكل شفاف وواضح على الطاولة.. الحكومة تعمل وتجتهد لكن الحصاد والثمار يحتاجان إلى وقت، واليوم يتم تأسيس قواعد جديدة للعمل الذي يقلّص مساحة الفساد إلى أضيق الحدود ونأمل أن يلغيها عبر أتمتة القضايا والرخص التي تمس المواطن بشكل مباشر وصولاً إلى ربط التكاليف والضرائب وأتمتتها بحيث يتم الاستغناء عن اللجان والمحسوبيات وغير ذلك.
وبالعودة إلى ملف الدعم الذي يشكل الأولوية لسببين: الأول أنه يستنزف الكثير من الموارد وفي مقدمتها المشتقات النفطية التي كانت تشكل مورداً مهماً للخزينة قبل استيلاء أمريكا وحلفائها على الآبار النفطية والغازية التي كانت تكفي المواطنين السوريين وتفيض، ويتم تصدير كميات منها كافية لتمويلنا بالقطع الأجنبي واليوم تجد الحكومة نفسها في الضفة الثانية فهي تحتاج إلى استيراد المشتقات النفطية وتمويلها من إيراداتها المحدودة كأي سلعة خدمية كالتعليم والصحة وتقديمها إلى المواطنين بسعر مدعوم وبما يزيد على مليوني بطاقة.. وفي المقابل فإن ثمة شريحة توصف بطبقة رجال الأعمال وكبار المكلفين والمستثمرين ومن في حكمهم في غرف التجارة والصناعة والصاغة وتجار السيارات وآخرون يستفيدون من هذا الدعم وهم لا يحتاجونه أصلاً مقابل شريحة لا تجد ما يكفيها وتحتاج إلى من يدعمها لشراء احتياجاتها من المواد الأساسية من الرز والسكر.. وهذا السبب يدفع أي حكومة بدراسة أفضل السبل لتوزيع ما لديها من موارد محدودة على الفئات الأكثر استحقاقاً للدعم.
وقد تخطئ العدالة لكن تصويبها ممكن ومتاح عبر تخصيص موقع إلكتروني على شبكة الإنترنت لتلقي طلبات الاعتراض من الشرائح التي سيتم استبعادها لتتم دراستها وإعادة النظر بها من خلال نقاط الارتباط التي تم تحديدها في الجهات العامة، ويحق لأي من الشرائح التي يتم استبعادها من الدعم الحكومي تقديم طلبات اعتراض إن كان هناك أي تغيير على بياناتهم التي تم استبعادهم بموجبها.
تصويب الدعم هو ملف مهم يستحق الدعم من الجميع، ولعلنا نتوقع المهمات الصعبة للوزراء.. لا يحسدون على مسؤولياتهم.. كل التقدير لكل مواطن سوري شريف.