آيات.. والعاصفة!

إن العين لتدمع على رحيلك يا آيات..  هل كان الفقر هو السبب أم الجهل؟ أم إنه زواج القاصرات..؟ كنت تخشين من الطلاق من فراق ابنتك الصغيرة وتتحملين كل الضرب والقسوة من ذاك الوحش المثخن بالعنف والبلطجة وتتحملين الذل والإهانة والخدمة لتحمي بقلبك الجميل ابنتك الصغيرة وكأنك تخشين عليها من أن تواجه مصيراً يشبه ذاك المخرز الذي كان يمزّق روحك ويهلك جسدك..!
قصة آيات الرفاعي التي انتشرت على المنصات هي قصة واحدة من آلاف قصص المعنفات وضحايا زواج القاصرات.. والأقلام مازالت مكلومة ومتوشحة بالسواد حزناً وألماً.. لكن القصة قديمة جداً كقصة الزهور في مواجهة الشتاء..
عندما أشرقت الشمس ذات ربيع كانت تتيه جمالاً ورقةً وتسابقت الأيدي للمس عطر الزهرة الوضاءة.. وجاء من مكان بعيد يحمل العهود والوعود ويقسم لها أنه سيحميها من كل الشرور.. صارت الزهرة سجينة المزهرية.. وبدأ الذبول يعتري وريقاتها الملونة بعد سنوات طويلة من العمل ومن العطاء للزوج وعناء تربية الأولاد من دون كلل أو عتب..
تتغير الفصول وقد تفقد الزوجة راعيها فيبقى حبه وذكرياته وعطفه قوة تستمد منها الصبر والجلد والتحمل.. لكن الأشد ألماً عندما ينكسر قلبها، لأن من وهبته أريجها بات يشعر بالملل وقد أصاب قلبه الغرور والأنانية.. فيترك زهرته أمام خيارين: الموت البطيء مع الأولاد لتكابد ألم الوحدة والهجران أو الموت السريع في مهب الريح.. فيخلع عنه ثوب المسؤولية والمودة والعطف تاركاً خلفه بذوراً صغيرة لم تنبت بعد..
قد يحزن الكثير لمصير الزهور تلك الكائنات الرقيقة الملونة للنهايات الحزينة لحياتها.. لكن للزهور أسرارها ولاسيما تلك التي تعتاد قسوة الشتاء.. حيث تتحول الألوان إلى طاقات تبث الحياة والروح من جديد في الأوراق التي قد يظن البعض أنها ذبلت وتعود لتشرق من جديد وتنتج إكسير الحياة والقوة على غير ما يعتقده البعض، وتمنح برغم دموع القلب، الدفء والجمال لمن يحيط بها..
هكذا تعاني النساء من أنانية بعض الرجال وخيالاتهم بأن تحطيم زهورهم بعد دهر من العشرة والمودة.. قد يجلب لقلوبهم الباردة الدفء من جديد.. فيلهثون وراء أوهام العودة للصيف! فينالون ما يستحقون بقدر نفوسهم المريضة.. في حين أن الألم يعطي القوة للنساء اللواتي تعرضن للقسوة والأنانية فيزداد إصرارهن على التجدد ومواجهة الأعاصير، وكل شتاء تزداد النساء جمالاً وتكبر قدرتهن على منح الأمل والدفء والعطايا لأولادهن ومجتمعاتهن ولأنفسهن.. وكثيرات من النساء في العقد الخامس أو السادس بدأن بالتعلم واكتساب مهارات جديدة وتسلمن مواقع المسؤولية وأثبتن نجاحاً وتميزاً وكن رائدات للنساء والرجال على حد سواء.
زهور الشتاء تمتلك جمالاً وعطراً وضياء ينافس مثيلاتهن في فصول الربيع والصيف والخريف، إنها أسرار العودة للحياة عندما يحاصرنا الألم، فتنبت في القلوب بذور الصبر وما أجملها من بذور..
وأخص بكلماتي وبكل المودة والمحبة كل النساء في حملة مكافحة العنف ضد المرأة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار