استعادة التحكم والتعافي

نغضب وتحمر وجوهنا لأسباب صغيرة، ونختصر الحياة بموقف أو رأي لا نحتمل أن يوجه فيه اللوم لنا، بينما على النصف الآخر من الكرة الأرضية نجد أناساً تجاوزوا أنفسهم بمئات السنوات الضوئية يتربعون على عرش العلم والمعرفة، ويخوضون الفتوحات والاكتشافات في عوالم جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي وباتت تشكل جيشاً من الروبوتات التي مازلنا ننظر إليها كأنها ألعاب جديدة للأطفال لكن بأحجام أكبر، وبالطبع لا نلقي لها بالاً، بل نضحك أحياناً من هؤلاء الذين يضيّعون أوقاتهم في الإبحار بالتكنولوجيا والعلوم، ونؤمن بشكل مطلق بأننا لن نلوث أيدينا وأدمغتنا بالاختراعات والاكتشافات، ويكفي أن نشتري أحدث التطبيقات لنستخدمها نحن تاركين للآخرين عناء الاكتشافات!
وفي الليل عندما ينطفئ الغرور وتهدأ الأصوات نسمع همسات وأصواتاً تشبه المناجاة تهيب بنا أن نفتح أعيننا، لأن الشبكة خلقت لتصطاد، والفريسة تبحث عن طريدة في حقل اختبار، والأقل ذكاء والأقل وعياً و حيطة سيكون فريسة سهلة للصيادين، لذا انتبهوا.. الذكاء الاصطناعي أخطر على البشرية من القنابل النووية.
صدّق أو لا تصدّق، لكن المستقبل كما يبدو يتجه نحو إطلاق العنان لأشياء تستخدم الذكاء الاصطناعي بصورة مطلقة وبقدرات غير محدودة، ولا شك بأن تطوير تلك الأمور يحتاج عنايةٍ فائقة حتى لا تتحول إلى خطر يهدد حياة البشر.. ونحن نستورد هذه التكنولوجيا ونزيّن بها بيوتنا ومكاتبنا، ونحتفظ بها في حقائبنا وجيوبنا وتحت مخداتنا، ولا ندري كيف التعامل معها إلا من خلال تعليمات الاستعمال.. وليس بمستغرب أن نعلم أن هذه التكنولوجيا تتجسس علينا وتلتقط لنا الصور وتسجل أحاديثنا، وأن في إعداداتها التي لا نفقه منها شيئاً خيارات تجعلها تقوم بأكثر من ذلك، وربما تسيطر على أدمغتنا وتستعمر بيوتنا وتهاجمنا متى تشاء أو تتعطل عند الحاجة إليها.. هذه التكنولوجيا تهدف أخيراً إلى استعبادنا والسيطرة علينا، وهذا ليس فيلماً للتخيل أو افتراءً على خلق الله، لكنه تحذير تطلقه الشركات التي تعمل بالتطوير الذاتي للذكاء الاصطناعي والتي تخشى أن تفقد السيطرة على هذه التكنولوجيا التي تمتلك خاصية التطوير الذاتي، فكيف الحال لدينا ونحن سلّمنا أمرنا منذ زمن بعيد للآخرين طمعاً بودهم وقبِلنا بدور المخدوعين لأن عقلنا مشغول بأمور كثيرة كتأمين رغيف الخبز ودفع الإيجار وشراء وردة للحبيبة ومن يربح المليون أو صاحب الصوت الأحلى! ومن يعطي بالاً لخطر التكنولوجيا؟ هذه المشكلة يعتقد الكثيرون أنها تنتهي بإطفاء الجهاز وتصبحون على «تطبيق» جديد .

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار