السيناريو الأكثر تعقيداً.. سينما السيطرة على العقول
على عكس ما هو متوقع تصاب بالدهشة ليس مع بداية عرض الفيلم وإنما تبدأ التفكير والتأمل بعد نهاية العرض، إنه عالم جديد تصول وتجول فيه قصص التجسس التي لم تترك لمن يحبون السلام براً أو بحراً أو فضاء حتى فضاء الشبكة العنكبوتية إلًا وتتحكم به شركات التجسس ! لكن أن يتم التجسس عليك وأنت نائم ويتم التلاعب بأحلامك للتأثير على قراراتك عند اليقظة فهذا أكثر مما قد نتخيله نحن المتعبين الغارقين بهمومنا وأزماتنا .
فيلم “البداية “أو Inception هو نموذج عن السينما التي تحاول السيطرة على العقول والذي يعتبره الكثير من محبي السينما، السيناريو الأكثر تعقيداً، وحسب النقاد لا يعود ذلك إلى فكرة الفيلم ـ وهي ليست طريفة كما يعتقد كثيرون ، بل إلى طرافة استغلالها بشكل مكثف ما جعل القصة تحتاج إلى تركيز تامّ لفهمها. وهو على صعوبة فهمه لا يعتبر أكثر أفلام كريستوفر نولان تعقيداً لكن طابع الأكشن وحضور ليوناردو دي كابريو أعطاه أهميّة تجارية أكبر.
تتمحور القصة حول مهارة طوّرها الجيش الأمريكي، تسمح لصاحبها بالتسلل إلى حلم الضحية وتصميمه والتحكم في أركانه بما يسمح له بممارسة الجوسسة واستخراج المعلومات التي يريد، ويجد “كُبّ” (ليوناردو ديكابريو) نفسه مضطراً لاستخدام مهاراته كمستخرِج لا لممارسة اللصوصية كعادته، وإنّما لمساعدة رجل أعمال في الإطاحة بأكبر منافسيه عبر اقناع ابنه بتفكيك امبراطورية أبيه. تعرف تقنية زرع المعلومة عبر الحلم عوض استخراجها بالاستهلال Inception.
في الفيلم، لا يكتفي المستخرِج وفريقه بمستوى واحد من الحلم، بل إنه يحمل ضحيّته إلى حلم داخل الحلم، وهكذا حتى الوصول إلى مستوى خامس أحياناً، ما يجعل اقتفاء تسلسل القصّة صعباً ومنهكاً أحياناً، ولكنّه ممتع أيضاً. لا أحد ينكر تلك اللذة التي يشعر بها المرءُ حينما يفكّ شفرات قصّة معقدة، وهي اللذة التي عمل عليها كريستوفر نولان بشكل عبقريّ.
إن ما يدعو للتفكير هو مدى حقيقة هذه الأبحاث والدراسات وإن كانت على شكل دراما أو فيلم لكنها لا تنطلق من الفراغ ، هناك محاولات تهدف ليس فقط للسيطرة على العالم وإنما على العقول والوجدان والأحاسيس ،إنه خطر حقيقي أن يتم الاستيلاء على إرادة البشر بل وأكثر على أحلامهم ترى ماذا تبقى لنا؟
يقول الناقد والسينمائي أحمد بوبس لا شيء يسير مصادفة، خاصة عندما يكون الأمر متعلقاً بالسيطرة على العقول حيث يستطيع من يملك الأدوات والوسائل السيطرة على العقول ، ومن أهم هذه الوسائل، الدراما والسينما .
ولذلك تجد صناع الفن السابع في «هوليوود» باتوا الأكثر قدرة على التحكم بهذا الأمر، وأبرزوا كيفية التحكم بالعقول ومن ثم العاطفة ومن ثم تغيير السلوك في التفكير، ومن أهم هذه الأعمال التي تطرقت إلى هذه المسألة 3 أفلام أولها:-
state of mind
يحكي فيلم «حالة العقل» عن علم السيطرة الذي تطور على مدى أجيال لإبقائنا في مكان ثابت حتى يتسنى للديكتاتوريين، وسماسرة المال والعرائس أن تستفيد من جهل الشعوب واستعبادهم، من سندان التعليم الإلزامي إلى وسائل الإعلام والترفيه.
«حالة العقل» ينحدر إلى الهاوية لفضح جداول الأعمال الحقيقية في العمل، ويكشف عن التلاعب السري في العمل ويوفر أمثلة تاريخية وحالية مدمرة ، وقمعت من الجذور القديمة للسيطرة على السلوك البشري إلى نضجها في تجارب سيطرة العقل من وكالات الاستخبارات وغيرها من أجهزة التلاعب.
2-Gamer
في عام 2034 يقوم الملياردير كين كاسل ببناء نموذج كامل للعبة مشتقة من الخيال العلمي في ملكية تابعة له، حيث يتم التحكم بمن يدخل بها تماماً من قبله بواسطة تقنيات متطورة للتلاعب بالعقول. ووفقا للنموذج الذي بناه كاسل، يتم تقسيم العالم إلى نوعين من البشر: “من يملكون” و”من لا يملكون”، حيث يقوم كاسل بواسطة أعضاء من النوع الأول من البشر بالتحكم بسلوك أعضاء المجموعة الثانية، مستخدمين في ذلك نوعين من الألعاب المتطورة المستخدمة في ألعاب الفيديو المرتكزة على تقنية الواقع الافتراضي.
اللعبة الأولى تدعى “المجتمع Society”، وهي تحريف شرير للعبة “Sim City” حيث يقوم اللاعبون بالدخول مباشرة إلى عقول بشر حقيقيين عن طريق شرائح إلكترونية زرعت في عقول هؤلاء البشر الذين تم وضعهم في شبكة اجتماعية تحاكي النموذج الموجود في اللعبة المذكورة.
وما يلبث اللاعبون المتحكمون بمصائر هؤلاء البشر المساكين أن يجدوا أنفسهم منزلقين إلى ممارسات شاذة غريبة، تعتمد على طبيعة التلصص والرغبة في اكتشاف أسرار الآخرين والتلاعب بخبث بعواطفهم وحيواتهم، وشيئاً فشيئاً يقومون بالعبث بحياة هؤلاء من دون أن يستطيعوا مقاومة الرغبة الجارفة في القيام بأحط الأفعال وأكثرها دناءة ولؤماً.
3-Network
يناقش الفيلم فكرة سلطة الإعلام وكيف أن شبكات الأخبار تتحكم في عقول المشاهدين عن طريق ما يبثونه على شاشاتهم من أخبار خادعة، ويطرح الفيلم قضايا مهمة حول تأثير التلفاز على عقول الناس بشكل ملحوظ بالإضافة إلى التركيز على العاملين في شبكة محطة إذاعية، وفضائح الرؤساء بخصوص الصفقات مع الملوك والزعماء.
تدور الأحداث حول شبكة تليفزيون UBS تعاني من هبوط نسبة المشاهدين وعدم دخول برامجها ضمن أفضل قوائم طوال سنوات حتى برامجها لا سبيل للمقارنة مع برامج القنوات المنافسة، دفعت بها إلى اتخاذ أساليب جديدة في بث أفكار جديدة مهما كانت قذرة.