كيف تقرؤون مؤشر السعادة؟
مع اقتراب العام الجديد..لابدَّ من التحضير لوقفة تأمل لنفض غبار الرتابة والاكتئاب، فكانت البداية أشبه بردة فعل على الضغوط الكثيرة التي نعانيها، بدأتُ بنصح نفسي وعائلتي ومحيطي بالدعوة إلى العمل مع تحرّي السعادة والتفكير الإيجابي وأن كلمة طيبة على الأقل قد تفرح من حولنا، ولا بأس من التعامل بودية ومحبة وابتسامة مع الآخرين، لكن المفاجأة كانت عندما قرأت تقريراً يتحدث عن «مؤشر السعادة» في الدول الذي تصدره الأمم المتحدة كل عام، وتضع فيه معايير موضوعية قابلة للقياس يحتكم إليها من أراد أن يصف الدول بالسعادة ويحدد درجتها وترتيبها على سلم النجاح والفشل، ومن تلك المعايير الموضوعية؛ نظام الإدارة وجودة التعليم ونجاح البرامج الصحية وعدالة الأجور وتحقيقها مبدأ العدالة في تساوي الفرص وفاعلية النظام الإداري.
وكان لا بدّ من مواصلة البحث عن الدراسات التي تهتم بسعادة المواطنين والعاملين، ولاسيما أننا عانينا الأمرّين من ويلات الحرب الظالمة، ومازلنا نعاني الحصار الاقتصادي على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع والدولة ، ولم أكن أتوقع أن لدى بعض الدول وزارة للسعادة!.
وأشارت أغلب الدراسات إلى أن من أسباب سعادة الأفراد العمل من أجل أهداف محددة والتفكير بشكل إيجابي وتوافر مناخ يتيح المجال للإبداع والتمتع بالصحة الجيدة، وهي عوامل لا تختلف كثيراً عن العناصر التي ارتكزت عليها معايير سعادة الدول في تقرير الأمم المتحدة .
ونأتي إلى الأهم، هل يمكن أن نطبق معايير السعادة في مؤسساتنا ومع مواطنينا؟ وهل من الصعوبة أن نتعامل بمحبة ونزاهة في حياتنا؟ لاشك في أن مفرزات الحرب خلقت بيئة مريضة، إضافة إلى الاستغلال البشع لحاجات الناس، ناهيك بالسرقات اليومية لجيوب المواطنين جراء ارتفاع الأسعار العشوائي ، أضف إلى ذلك الأخلاق السيئة لبعض الموظفين والمراجعين وقلة من يتعاطى بودٍ مع هموم الناس وشكاواهم، لكن الموضوع لا يفترض أن يخضع للمزاج الشخصي، فلقد أصبح وفق المعايير التنموية والإدارية نجاح أي إدارة مشروطاً بقدرتها على توفير سعادة العاملين والمتعاملين معها ورفاهم، وأن هذه السعادة يجب أن تحلّ محل المعايير القديمة التي تركز على الأداء الاقتصادي فقط! كما أن استخدام بعض المعايير الاقتصادية لقياس الأداء بالكم لم يعد مجدياً وقد يكون غير دقيق.
ومن أجل ضمان انطلاقة صحية وقوية لإعادة إعمار سورية لابدّ من وضع معايير السعادة بالحسبان، ولا نبالغ إذا طالبنا بوزارة للسعادة وكل ما هو مطلوب احترام قيم النزاهة في المجتمع، وأن تفهم ما هو مهم بالنسبة للعاملين في مؤسساتها العامة ومواطنيها.